وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: ٧١].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ﴾ [فاطر: ٣٧].
ومن صحيح السنة في آفاق معنى هذه الآية أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي - ﷺ -: [تحاجت الجنَّةُ والنَّارُ، فقالت النّار: أُوثِرْتُ بالمتكبِّرينَ والمتجبِّرينَ، وقالت الجنة: مالي لا يدخُلني إلا ضُعَفاء الناس وسَقَطُهُم؟ قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحمُ بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنتِ عذابٌ أعذِّبُ بكِ مَنْ أشاءُ مِنْ عبادي، ولكل واحِدةٍ منهما مِلْؤُها. فأمّا النار: فلا تَمْتَلِئُ حتى يَضَعَ رِجْلَهُ فتقول: قَطْ قَطْ، فهنالِكَ تَمْتَلِئ ويُزْوى بعضُها إلى بَعْض، ولا يَظلم الله عز وجل مِنْ خلقه أحدًا. وأما الجنة: فإن الله عزَّ وجل ينْشِئُ لها خَلْقًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن الأحنف بن قيس، عن الأسود بن سريع - رضي الله عنه - أن نبيَّ الله - ﷺ - قال: [أربعةٌ يحتجون يوم القيامة، رجلٌ أصَمُّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمَقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجلٌ مات في فتْرَةٍ. فأما الأصمُّ فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمعُ شيئًا. وأما الأحمق فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام والصبيان يَحْذِفوني بالبَعْرِ. وأما الهَرِمُ فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أعقِلُ شيئًا. وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ، ما أتاني لك رسولٌ. فيأخذُ مواثيقهم ليُطيعُنَّهُ، فيرسِلُ إليهم أن ادخلوا النار، فوالذي نفسُ محمد بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا] (٢).
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - ﷺ - قال: [كُلُّ مولود يولد على الفطرة، فأبواه يُهوِّدانه ويُنَصِّرانه ويُمَجِّسَانِه،
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٤/ ٢٤)، والبزار (٢١٧٤)، والبيهقي في "الاعتقاد" ص (١٣٥)، وصحح إسناده الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٢١٦)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه (١٨٢٧)، وله شواهد عند البغوي (ق ٩٤/ ١)، والديلمي (١/ ١/ ١٧١)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٤٣٤).