كما تُنْتَجُ البهيمةُ بهيمةً جَمْعاء، هل تحسّون فيها مِنْ جَدْعاء. وفي رواية لمسلم: قالوا: يا رسول الله، أفرأيت من يموت صغيرًا؟ قال: الله أعلم بما كانوا عاملين] (١).
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: [سُئِل رسول الله - ﷺ -عن أولاد المشركين؟ فقال: الله إذْ خَلقَهُمْ أعلمُ بما كانوا عاملين] (٢).
قلت: فأولاد المشركين الذين اشتركوا في الآثام مع آبائهم ثم ماتوا يختلفون في الحكم عن أطفال المشركين الذين لم يكن لهم ذنوب يعاقبون بها - والله تعالى أعلم. وهذا يفسر قوله - ﷺ -؟ (الله أعلم بما كانوا عاملين).
فقد أخرج أبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣٠٨) بسنده عن يزيد الرقاشي عن أنس بن مالك قال: [سألت رسول الله - ﷺ - عن ذراري المشركين لم يكن لهم ذنوب يعاقبون بها فيدخلون النار، ولم تكن لهم حسنة يجازون بها فيكونون من ملوك الجنة؟ فقال النبي - ﷺ -: هم خدم أهل الجنة].
وفي لفظ عند ابن مندة في "المعرفة" (٢/ ٢٦١/ ١) من حديث سنان بن سعد عن أبي مالك قال: [سئل النبي - ﷺ - عن أطفال المشركين؟ قال: هم خدم أهل الجنة] (٣).
وفي التنزيل، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ﴾ [الأعراف: ١٧٩]. قال الحسن: (خلقنا). وقال مجاهد: (لقد خلقنا لجهنم كثيرًا من الجن والإنس).
قال ابن جرير: (لنفاذ علمه فيهم بأنهم يصيرون إليها بكفرهم بربهم). قال الإمام الطحاوي: (وإن الله تعالى خلق الجنة والنار قبل الخلق، وخلق لهما أهلًا، فمن شاء منهم إلى الجنة فضلًا منه، ومن شاء منهم إلى النار عدلًا منه، وكل يعمل لما قد فرغ له، وصائر إلى ما خلق له، والخير والشر مقدران على العباد) "متن الطحاوية: ٨٣".
وأما أطفال المسلمين فهم في الجنة باتفاق أهل العلم.

(١) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم (٦٦٥٨) ح (٢٣)، وصحيح البخاري (١٣٨٤)، وأخرجه النسائي (٤/ ٥٨)، من حديث أبي هريرة.
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (١٣٨٣)، وفي لفظ: سئل رسول الله - ﷺ - عن ذراري المشركين؟ فقال: اللهم أعلم بما كانوا عاملين. انظر صحيح البخاري، حديث (١٣٨٤) - كتاب الجنائز.
(٣) حسن لشواهده. وانظر مسند أبي يعلى (١٠١١ - ١٠١٢)، ومسند البزار (٢٣٢)، وسلسلة الأحاديث الصحيحة - حديث رقم - (١٤٦٨).


الصفحة التالية
Icon