وعن مجاهد: (﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾، قال: الجودي جبل بالجزيرة، تشامخت الجبال يومئذ من الغرق وتطاولَت، وتواضع هو لله، فلم يغرق، وأرسيت سفينة نوح عليه).
وعن الضحاك يقول: (﴿وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ﴾ هو جبل بالموصل) - والله تعالى أعلم.
وقوله: ﴿وَقِيلَ بُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. أي: سحقًا لقوم نوح الذين حاق بهم غضب الله فنزل بهم عذابه.
٤٥ - ٤٨. قوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (٤٥) قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ (٤٦) قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَإِلَّا تَغْفِرْ لِي وَتَرْحَمْنِي أَكُنْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٤٧) قِيلَ يَانُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ مِنَّا وَبَرَكَاتٍ عَلَيْكَ وَعَلَى أُمَمٍ مِمَّنْ مَعَكَ وَأُمَمٌ سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٤٨)﴾.
في هذه الآيات: مناجاة نوح ربه لنجاة ولده، وجواب الله له أنه ليس من أهله، ووعظه له أن لا يسأل ما ليس له به علم، واستغفار نوح - عليه الصلاة والسلام - من ذلك. ثم أَمْرُ الله نوحًا الهبوط بسلام عليه وعلى من معه، وعلى كل من تبعه على الحق، وأما من خالف منهاجه دخل في متاع قليل ينتهي بعذاب أليم.
فقوله تعالى: ﴿وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ونادى نوح ربه فقال: ربِّ إنك وعدتني أن تنجيني من الغرق والهلاك وأهلي، وقد هلك ابني، وابني من أهلي، ﴿وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ﴾، الذي لا خلف له، ﴿وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ﴾ بالحق، فاحكم لي بأن تفي لي بما وعدتني، من أن تنجّي لي أهلي، وترجع إليَّ ابني).
وقوله: ﴿قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ﴾. قال ابن عباس: (ما بغت امرأة نبي قط. وقوله: ﴿إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ﴾، الذين وعدتك أن أنجيهم معك). وقال: