أولًا - أشهد هود صلوات الله وسلامه عليه الله على براءته من دينهم، وأن الله هو وليه وناصره.
ثانيًا - أشهدهم مخالفة رأيهم وتوجههم ودينهم وما يعبدون.
ثالثًا - أكَّدَ اعتزازه بالله بالاستهانة بما هم عليه، وبما هم عاكفون على تعظيمه، وبأنهم لو اجتمعوا على شفاء غيظهم منه، وعاجلوه ولم يمهلوه، لم ينالوا منه إلا ما كتب الله له.
وقوله تعالى: ﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾.
قال القرطبي: (﴿إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ﴾ - أي: رضيت بحكمه، ووثقت بنصره. ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ﴾ أي نفس تدب على الأرض. ﴿إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ - أي يصرفها كيف يشاء، ويمنعها مما يشاء، أي فلا تصلون إلى ضري).
والناصية قُصاص الشعر في مقدم الرأس، وكان العرب إذا أسروا أسيرًا فأرادوا إطلاقه والمنّ عليه، جزّوا ناصيته، ليعتدوا بذلك عليه فخرًا عند المفاخرة.
قال ابن جريج: (إنما خص الناصية، لأن العرب تستعمل ذلك إذا وصفت إنسانًا بالذلة والخضوع، فيقولون: ما ناصية فلان إلا بيد فلان، أي إنه مطيع له يصرفه كيف يشاء).
وعن الفراء: (﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ قال: مالكها، والقادر عليها). وقال القتبي: (قاهرها، لأن من أخذت بناصيته فقد قهرته). وقال الضحاك: (يحييها ثم يميتها) - وكلها أقوال متقاربة.
وعن مجاهد: (﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾، قال: الحق).
٥٧ - ٦٠. قوله تعالى: {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (٥٧) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (٥٨) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ