بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٨. قوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِنْ لَدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا حَسَنًا (٢) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَدًا (٣) وَيُنْذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا (٤) مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (٥) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (٦) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (٧) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (٨)﴾.
في هذه الآيات: كل الحمد والشكر لله منزل الكتاب عدلًا قيمًا، نذيرًا وبشيرًا، ومحذرًا الذين تطاولوا على الله ونسبوا له الولد كذبًا وزورًا. فلا تهلك نفسك - يا محمد - بحزنك على قومك في تمردهم عن الإيمان، والتكذيب بالنبوة والقرآن، فإن هذه الدنيا دار فانية، مزينة بزينة زائلة، لا تستقيم لأحد لأنها دار اختبار، وليست بدار قرار، وستصير بعد الزينة إلى الخراب والدمار.
فقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا﴾. حَمْدٌ وتقديس من الله لنفسه الكريمة على إنزاله هذا الكتاب العزيز.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: الحمد لله الذي خصّ برسالته محمدًا وانتخبه لبلاغها عنه، فابتعثه إلى خلقه نبيًا مرسلًا، وأنزل عليه كتابًا قيمًا، ولم يجعل له عِوَجًا).
وعن ابن عباس: (﴿وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١) قَيِّمًا﴾ يقول: أنزل الكتاب عَدلًا قيمًا، ولم يجعل له عِوَجًا). وقال ابن إسحاق: (أي: معتدلًا لا اختلاف فيه). وعن الضحاك: (قيمًا: قال: مستقيمًا).


الصفحة التالية
Icon