إِلَّا كَذِبًا}. أي: لا حجة لهؤلاء القائلين هذا القول ولا لأسلافهم، وإنما يقولون كبيرًا من الإثم ويفترون على الله أعظم الكذب.
قال محمد بن إسحاق: (ما يقول هؤلاء القائلون اتخذ الله ولدًا بقيلهم ذلك إلا كذبًا وفرية افتروها على الله).
ونُصبت ﴿كَلِمَةً﴾ على التمييز، والتقدير: كبرت كلمتُهم هذة كلمةً. وقيل: على التعجب، والتقدير: أعظِمْ بكلمتهم كلمة.
وفي صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي - ﷺ - قال: [قال الله: كَذَّبَني ابنُ آدم ولم يكنْ له ذلك، وشَتَمني ولم يكنْ له ذلك، فأما تكذيبُه إياي فزعَمَ أني لا أقْدرُ أن أُعِيدَهُ كما كان، وأما شَتْمُهُ إيّايَ فقوله: لي ولدٌ، فسبحاني أنْ أتَّخِذَ صاحِبَةً أوْ ولَدًا] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾.
أي: فلعلك يا محمد مهلك نفسك بحزنك على آثار قومك في تمردهم عن الإيمان بالنبوة والتصديق بهذا القرآن.
قال قتادة: (﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ﴾، يقول: قاتل نفسك). وقوله: ﴿أَسَفًا﴾ قال: (غضبًا). وقال مجاهد: (جزعًا). وقال قتادة أيضًا: (حزنًا عليهم).
والآية تسلية من الله تعالى لنبيّه الكريم، على حزنه على إصرار المشركين، على عقائد الجاهلية ومحاربة هذا الدين، وترك التصديق بالقرآن الكريم، وهو مفهوم قوله: ﴿بِهَذَا الْحَدِيثِ﴾.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ﴾ [الشعراء: ٣].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾ [النمل: ٧٠].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ﴾ [فاطر: ٨].