والزوال، وفي ذلك تسلية للنبي - ﷺ - عَمّا يلقاه من قومه: أن لا عليك أن سيهلكوا جميعًا، فلا تحزن عليهم ولا تضيق من مكرهم وعنادهم.
٩ - ١٢. قوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (٩) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (١٠) فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (١١) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (١٢)﴾.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى نبيّه محمدًا - ﷺ - عن قصة أصحاب الكهف وما فيها من العبر والآيات والمعجزات. يقول: وليس - يا محمد - أمرهم عجيبًا في قدرتنا وسلطاننا، فإن خلق السماوات والأرض، وتسخير الشمس والقمر والنجوم، وتعاقب الليل والنهار، وخلق الجبال الشواهق والأنهار والبحار، أكبر من ذلك. لقد أوى الفتية المؤمنون إلى الكهف فرارًا بدينهم، راجين رحمة ربهم، فضرب عليهم النوم سنين طويلة، ثم بعثهم سبحانه لإظهار آية من آيات قدرته العجيبة، وليستفيد من بعدهم في تعظيم الله والمثابرة على عبادته والتوكل عليه.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا﴾ - فيه أقوال متقاربة:
١ - قال مجاهد: (يقول: قد كان من آياتنا ما هو أعجب من ذلك).
٢ - قال ابن عباس: (يقول: الذي آتيتُكَ من العلم والسُّنَّة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف والرقيم).
٣ - وقال محمد بن إسحاق: (ما أظهرتُ من حُججي على العباد أعجبُ من شأن أصحاب الكهف والرقيم).
قال النسفي: (والكهف: الغار الواسع في الجبل، والرقيم: اسم كلبهم أو قريتهم أو اسم كتاب كتب في شأنهم أو اسم الجبل الذي فيه الكهف).


الصفحة التالية
Icon