وقوله تعالى: ﴿إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا﴾.
إخبار عن قلة مؤمنة فروا بدينهم من قومهم لئلا يفتنوهم عنه، فلجؤوا إلى غار في جبل متضرعين إلى ربهم عز وجل: أن يبسط عليهم حمايته ورحمته ويجعل لهم من أمرهم فرجًا ومخرجًا، وفي عاقبة صبرهم سترًا ورشدًا.
وقوله تعالى: ﴿فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا﴾.
قال ابن كثير: (أي: ألقينا عليهم النوم حين دخلوا إلى الكهف، فناموا سنين كثيرة).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾.
أي: ثم بعثنا هؤلاء الفتية من رقدتهم لنعلم واقعًا ما علمنا أنه سيقع، من اختلاف الطائفتين من مدة مكثهم. قال مجاهد: (أمدًا: عددًا). وقال ابن عباس: (﴿لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ يقول: بعيدًا). وقال ابن جرير: (ويعني بالأمد: الغاية).
وخلاصة المعنى كما قال القاسمي: (أي لنعلم واقعًا ما، علمنا أنه سيقع. وهو أي الحزبين المختلفين في مدة لبثهم، أشد إحصاءً، أي إحاطة وضبطًا لغاية مدة لبثهم فيعلموا قدر ما حفظهم الله بلا طعام ولا شراب، وأمنهم من العدوّ، فيتمّ لهم رشدهم في شكره، وتكون لهم آية تبعثهم على عبادته).
١٣ - ١٦. قوله تعالى: ﴿نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (١٣) وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (١٤) هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (١٥) وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا (١٦)﴾.
في هذه الآيات: إخبارُ الله تعالى نبيّه - ﷺ - أنّ ما يقصه عليه من خبر هؤلاء الفتية المؤمنين، إنما هو بالصدق واليقين، وقد زادهم إيمانًا إلى إيمانهم، وربط على