وفي صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: [لا يُدْخِلُ أحدًا منكم عَمَلُهُ الجنة، ولا يُجيرُهُ من النار، ولا أنا، إلا برحمة من الله] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُوا أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾.
قال ابن كثير: (﴿وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ﴾، كفروا بها، وعصوا رسل الله، وذلك أنَّ من كَفَرَ بنبيٍّ فقد كَفَرَ بجميع الأنبياء، لأنه لا فرق بين أحد منهم في وجوب الإيمان به، فعادٌ كفروا بهودٍ، فَنُزِّلَ كفرُهم منزلة من كفر بجميع الرسل).
وقال القاسمي: (﴿وَأُتْبِعُوا﴾ أي أطاعوا في الشرك ﴿كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ﴾ لا يستدل بدليل، ولا يقبله من غيره. يريد رؤساءهم وكبراءهم، ودعاتهم إلى تكذيب الرسل).
وقوله تعالى: ﴿وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾.
أي: أتبع قوم هود في هذه الدنيا غضبًا من الله، ولعنة عليهم من عباده المؤمنين كلما ذكروا. قال السُّدي: (ما بُعِثَ نبيٌّ بعد عاد إلا لُعِنُوا على لسانه).
ثم إنهم تنالهم يوم القيامة لعنة أخرى بعد تلك اللعنة التي سلفت لهم في الدنيا، وينادى على رؤوس الأشهاد: ﴿أَلَا إِنَّ عَادًا كَفَرُوا رَبَّهُمْ أَلَا بُعْدًا لِعَادٍ قَوْمِ هُودٍ﴾ - أي أبعدهم الله من الخير.
٦١ - ٦٣. قوله تعالى: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ (٦١) قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ (٦٢) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ (٦٣)﴾.
في هذه الآيات: يقص تعالى خبر ثمود مع نبيهم صالح عليه الصلاة والسلام، إذ دعاهم إلى إفراد الله تعالى بالعبادة والتعظيم، وشكره على ما أعطاهم واستغفاره فهو الغفور الرحيم. فما كان منهم إلا أن أظهروا الشك والاتهام وأعلنوا لآلهتهم الولاء،