والتمسك بما كان يعبد الآباء. فأجابهم صالح عليه الصلاة والسلام بتمسكه بيقين النبوة، وخوفه من معصية رب البرية، فلا أحد يستطيع دفع عذاب الله وسخطه مهما أوتي من القوة.
فقوله: ﴿وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾.
أي: وكذلك أرسلنا صالحًا إلى ثمود أن أفردوا الله تعالى بالدعاء والتعظيم، وأخلصوا له العبادة والألوهة، فإنه لا إله إلا هو.
وقوله: ﴿هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾. يقول: هو ابتدأ خلقكم من تراب الأرض، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ثم جعلكم عُمّارًا فيها، فأسكنكم إياها أيام حياتكم، لتعمروها وتستغلونها في مصالحكم.
أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، وأبو داود في السنن، بسند صحيح، عن أبي موسى، عن النبي - ﷺ - قال: [إنّ الله تعالى خَلَقَ آدمَ من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الأرض، جاء منهم الأحمرُ، والأبيضُ، والأسودُ، وبين ذلك، والسَّهل والحَزْنُ، والخبيثُ والطيبُ، وبين ذلك] (١).
وعن مجاهد: (﴿وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا﴾، قال: أعمركم فيها).
وقوله: ﴿فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ﴾.
أي: فاستغفروا ربكم لسالف ذنوبكم، ثم توبوا إليه فاتركوا من الأعمال ما يكرهه ربكم، وأحسنوا التوجه والعمل فيما تستقبلونه، إنَّ ربي قريب من المخلصين له، التائبين الحريصين على مرضاته، مجيب لدعائهم ومفرج لكروبهم.
وفي التنزيل: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: ١٨٦].
وفي جامع الترمذي عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [قال الله تعالى: يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك