ولا أبالي، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عَنان السماء، ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم، إنك لو أتيتني بقُراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة] (١).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا يَاصَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾.
ذِكْرُ إجابة ثمود لنبيهم صالح عليه الصلاة والسلام: أَنْ كُنّا نرجو أن تكون فينا سيدًا قبل أن يصدر عنك ما قلت، وكنا نرجوك في عقلك ونفتخر برأيك قبل أن تقول في الألوهية غير ما ألفناه. قال النسفي: (﴿مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا﴾ للسيادة والمشاورة في الأمور، أو كنا نرجو أن تدخل في ديننا وتوافقنا على ما نحن عليه).
وقال القاسمي: (﴿أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا﴾ أي من الأوثان ﴿وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ﴾ أي من التوحيد ﴿مُرِيبٍ﴾ أي موقع في الريبة، وهي قلق النفس، وانتفاء الطمأنينة).
وقوله: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾.
قال ابن جرير: (يقول: إن كنت على برهان وبيان من الله قد علمته وأيقنته، ﴿وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً﴾، يقول: وآتاني منه النبوة والحكمة والإسلام، ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ عَصَيْتُهُ﴾، يقول: فمن الذي يدفع عني عقابه إذا عاقبني إن أنا عصيته).
وقوله: ﴿فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ﴾. قال مجاهد: (ما تزدادون أنتم إلا خسارًا).
وقال الفراء: (أي تضليل وإبعاد من الخير). قال القرطبي: (والتخسير لهم لا له - ﷺ -، كأنه قال: غير تخسير لكم لا لي. وقيل: المعنى ما تزيدونني باحتجاجكم بدين آبائكم غير بصيرة بخسارتكم، عن ابن عباس).
قلت: والسياق يدل على حديثه - ﷺ - عن نفسه، أي: لو تركت دعوتكم إلى الحق وإفراد الله سبحانه بالعبادة والتعظيم، وعصيت ربي بمجاراة أهوائكم، لما نفعتموني ولما زدتموني إلا خسارة بتعريضي لسخط الله.