وقد فصلت ذلك في كتابي: أصل الدين والإيمان، فلله الحمد والمنة.
وقوله: ﴿وَرَبَطْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾. أي: ثبتناها. قال قتادة: (يقول: بالإيمان). أي: ألهمناهم الصبر وشددنا قلوبهم بنور الإيمان حتى عزفت أنفسهم عما كانوا عليه من خفض العيش.
وقوله: ﴿إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾.
قال ابن جرير: (يقول: حين قاموا بين يدي الجبار دقينوس فقالوا له إذ عاتبهم على تركهم عبادة آلهته: ﴿رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾). قال ابن كثير: (﴿لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا﴾. ولن: لنفي التأبيد، أي: لا يقع منا هذا أبدًا، لأنا لو فعلنا ذلك لكان باطلًا، ولهذا قال عنهم: ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾، أي: باطلًا وكذبًا وبهتانًا).
وعن قتادة: (قوله: ﴿لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا﴾ يقول: كذبًا). وقال ابن زيد: (قال: لقد قلنا إذن خطأ، قال: الشطط: الخطأ من القول).
وقوله: ﴿هَؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ﴾.
هو من قيل الفتية أصحاب الكهف عن قومهم: أنهم اتخذوا آلهة يعبدونها من دون الله، فلولا يأتون على عبادتها بسلطان بين. قال قتادة: (يقول: بعذر بين). وقال ابن جرير: (يقول: هلا يأتون على عبادتهم إياها بحجة بينة).
وقوله: ﴿فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾.
قال قتادة: (ومن أشد اعتداءً وإشراكًا بالله، ممن اختلق، فتخرّص على الله كذبًا، وأشرك مع الله في سلطانه شريكًا يعبده دونه، ويتخذه إلهًا).
وقوله: ﴿وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾.
قال ابن كثير: (أي: وإذ فارقتُموهم وخالفتُموهم بأديانكم في عبادتهم غيرَ الله، ففارقُوهم أيضًا بابدانكم، ﴿فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ﴾ أي: يبسط عليكم رحمة يستركم بها من قومكم، ﴿وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ﴾، الذي أنتم فيه، ﴿مِرْفَقًا﴾، أي: أمرًا تَرتفِقُون به. فعند ذلك خَرَجوا هُرَّابًا إلى الكهف، فأوَوْا إليه، فَفَقدهم قومهم