وتعالى). وقال ابن زيدة (يرى أعمالهم، ويسمع ذلك منهم سميعًا بصيرًا). قال القاسمي: (أي ما أبصره لكل موجود! وأسمعه لكل مسموع، لا يخفى عليه شيء ولا يحجب بصره وسمعه شيء).
وقوله: ﴿مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾.
قال ابن جرير: (يقول جلّ ثناؤه: مَا لِخَلْقِهِ دون ربهم الذي خلقهم ولي، يلي أمرهم وتدبيرهم، وصرفهم فيما هم فيه مُصَرَّفون، ﴿وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا﴾ يقول: ولا يجعل الله في قضائه، وحكمه في خلقه أحدًا سواه شريكًا، بل هو المنفرد بالحكم والقضاء فيهم، وتدبيرهم وتصريفهم فيما شاء وأحبّ).
٢٧ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا (٢٧) وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا (٢٨)﴾.
في هذه الآيات: أمْرُ الله تعالى رسوله - ﷺ - بتلاوة كتابه وإحكام الصلة به، فإنه لا مُغَيِّر لما أوعد بكلماته، ولا ملجأ منه إلا إليه. وكذلك أَمْرُه بالصبر في الحياة مع المؤمنين المستضعفين الذين يرجون رحمته تعالى ويخشون عذابه، وعدم الافتتان بأهل الزينة والمتاع ممن اتبع هواه وكان أمره باطلًا.
فقوله: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ﴾ - أَمْرٌ من الله تعالى رسولَه - ﷺ - بتلاوة كتابه الكريم وزيادة الصلة به لإبلاغه إلى الناس.
وقوله: ﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾ - قال ابن جرير: (يقول: لا مغير لما أوعد بكلماته التي أنزلها عليك أهل معاصيه، والعاملين بخلاف هذا الكتاب الذي أوحيناه إليك).
وقال ابن كثير: (﴿لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ﴾، أي: غير مُغَيِّر لها ولا محرف ولا مؤوّل).
وقوله: ﴿وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا﴾. قال مجاهد: (ملجأ). وقال قتادة: (موئلًا). وقال ابن زيد: (لا يجدون ملتحدًا يلتحدونه، ولا يجدون من دونه ملجأ ولا أحدًا يمنعهم). وأصل الملتحد من اللحد، يقال: لحدت إلى كذا، إذا ملت إليه. ومنه اللحد يكون في القبر.