أمك، ثم عدّلك بشرًا سويًا، رجلًا قويًا. قال ابن جرير: (يقول: أكفرت بمن فعل بك هذا أن يعيدك خلقًا جديدًا بعد ما تصير رفاتًا).
وقوله تعالى: ﴿لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾.
هو قول ذلك الصاحب المؤمن يعترف لربه تعالى بالربوبية ولا يشرك به في الألوهية، بل يعبده وحده لا شريك له. قال ابن كثير: (أي: أنا لا أقول بمقالتك، بل أعترف لله بالربوبية والوحدانية، ﴿وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا﴾، أي: بل هو الله المعبود وحده لا شريك له).
وقوله: ﴿وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾.
ردٌّ من المؤمن على الكافر وتوبيخ ووصية له، ويُحْمَلُ المعنى في قوله: ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ﴾ على تأويلين:
التأويل الأول: ﴿مَا﴾ في موضع رفع، والتقدير: هذه الجنة هي ما شاء الله. قال الزجاج والفراء: (الأمر ما شاء الله، أو هو ما شاء الله، أي الأمر مشيئة الله تعالى). وقال النسفي: (ما موصولة مرفوعة المحل على أنها خبر مبتدأ محذوف تقديره: الأمر ما شاء الله...).
التأويل الثاني: قيل بل الجواب محذوف، والتقدير: ما شاء الله كان، وما لا يشاء لا يكون.
قال ابن جرير: (يقول عز ذكره: وهلا إذ دخلت بستانك، فأعجبك ما رأيت منه، قلت ما شاء الله كان). وذكر النسفي أيضًا هذا التأويل فقال عن ﴿مَا﴾ في قوله تعالى ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ﴾: (أو شرطية منصوبة الموضع والجزاء محذوف، يعني: أي شيء شاء الله كان. والمعنى: هلا قلت عند دخولها والنظر إلى ما رزقك الله منها، الأمر ما شاء الله اعترافًا بأنها وكل ما فيها إنما حصل بمشيئة الله، وأن أمرها بيده، إن شاء تركها عامرة وإن شاء خربها).
وتأول الحافظ ابن كثير المعنى أنه حَضٌّ على هذا النوع من الذكر عند رؤية النعم من المال والولد فقال: (هذا تحضيض وحثٌّ على ذلك، أي: هلا إذ أعجبتك جَنّتُك حين دَخَلْتَها وَنَظرْتَ إليها حَمدْت الله على ما أنعم به عليك، وأعطاك من المال والولد ما لم يُعْطِ غيرك، وقلت: ﴿مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾، ولهذا قال بعض السلف: من أعجبه