وقوله: ﴿قَالُوا لَا تَخَفْ إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾. قال ابن جرير: (قالت الملائكة، لما رأت ما بإبراهيم من الخوف منهم: لا تخف منا وكن آمنا، فإنا ملائكة ربّك، ﴿أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمِ لُوطٍ﴾).
وقوله تعالى: ﴿وَامْرَأَتُهُ قَائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ﴾.
إِخْبَارٌ عن سارة امرأة إبراهيم عليهما السلام إذ كانت قائمة من وراء الستر تسمع كلام الرسل وكلام إبراهيم عليه السلام. أو قيل: كانت قائمة تخدمُ الرسل، وإبراهيم جالسٌ مع الرسل. فضحكت استبشارًا بهلاك قوم لوط لشدة فسادهم وغِلظ فجورهم في البلاد، فَبُشِّرت بالولد بعد الإياس: إسحاق ومن ورائه يعقوب.
وهناك أقوال عند المفسرين غير مناسبة نحو: (ضحكت: حاضت) أو ضحكت لروع إبراهيم. وإنما يفيد من تلك الأقوال:
١ - يروي ابن جرير بسنده عن السدي قال: (بعث الله الملائكة لتهلك قوم لوط، أقبلت تمشي في صورة رجال شباب، حتى نزلوا على إبراهيم فتضيَّفوه. فلما رآهم إبراهيم أجلّهم فراغ إلى أهله فجاء بعجل سمين، فذبحه ثم شواه في الرَّضف، فهو "الحنيذ" حين شواه. وأتاهم فقعد معهم، وقامت سارة تخدمهم. فذلك حين يقول: "وامرأته قائمة وهو جالس"، في قراءة ابن مسعود. فلما قرّبه إليهم قال: ألا تأكلون؟ قالوا: يا إبراهيم، إنا لا نأكل طعامًا إلا بثمن. قال: فإن لهذا ثمنًا! قالوا: وما ثمنه؟ قال: تذكرون اسم الله على أوله، وتحمدونه على آخره. فنظر جبريل إلى ميكائيل فقال: حُقَّ لهذا أن يتخذه ربه خليلًا! فلما رأى أيديهم لا تصل إليه - يقول: لا يأكلون - فزع منهم وأوجس منهم خيفة، فلما نظرت إليه سارة أنه قد أكرمهم وقامت هي تخدمهم، ضحكت وقالت: عجبًا لأضيافنا هؤلاء، إنّا نخدمهم بأنفسنا تكرمة لهم، وهم لا يأكلون طعامنا! ).
٢ - وعن قتادة أنه قال: (ضحكت تعجبًا مما فيه قوم لوط من الغفلة، ومما أتاهم من العذاب). - واختاره ابن جرير.
٣ - وعن وهب بن منبه يقول: (قالوا: لا تخف إنا نبشرك بغلام حليم مبارك! وبشّر به امرأته سارة، فضحكت وعجبت: كيف يكون لي ولد وأنا عجوز، وهو شيخ كبير؟ فقالوا: أتعجبين من أمر الله، فإنه قادر على ما يشاء! فقد وهبه الله لكم، فأبشروا به).
وقوله تعالى: ﴿قَالَتْ يَاوَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهَذَا بَعْلِي شَيْخًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ﴾.