هذا قولها عند التعجب من إمكانية الولادة وقد أسنّت وزوجها في الشيخوخة، وقد حكى الله فعلها أثناء تعجبها في آية الذاريات: ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ - على عادة النساء عند تعجبهن في أقوالهن وأفعالهن.
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾.
قال ابن كثير: (أي: قالت الملائكة لها: لا تعجبي من أمْرِ الله فإنه إذا أراد شيئًا أن يقول له: كن فيكون. فلا تعجبي من هذا وإن كنت عجوزًا عقيمًا وبعلك شيخًا كبيرًا فإن الله على ما يشاء قدير. ﴿رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ﴾، أي هو الحميد في جميع أفعاله وأقواله، محمودٌ ممجَّدٌ في صِفاته وذاته، ولهذا ثبت في الصحيحين أنهم قالوا: قد علمنا السلامَ عليك، فكيف الصلاة عليك يا رسول الله؟ قال: "قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيمَ، وبارك على محمد وعلى آل محمدٍ، كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد" (١)).
٧٤ - ٧٦. قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ وَجَاءَتْهُ الْبُشْرَى يُجَادِلُنَا فِي قَوْمِ لُوطٍ (٧٤) إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوَّاهٌ مُنِيبٌ (٧٥) يَاإِبْرَاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذَابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (٧٦)﴾.
في هذه الآيات: محاولة إبراهيم - ﷺ - بعد زوال الخوف عنه وحصول البشرى له ردّ العذاب عن قوم لوط، بمجادلة الملائكة فيهم إنه حليم أواه منيب، وإجابة الملائكة له بقطع الجدال في شأنهم، فقد نزل أمر الله فيهم، فهم قادمون لا محالة على عذاب يستأصلهم.
وعن مجاهد: (﴿فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ الرَّوْعُ﴾، قال: الفَرَق). وقال قتادة: (ذهب عنه الخوف). والمقصود: لما ذهب عن إبراهيم ما أوجسه في نفسه من الخوف من ضيوفه حين رأى أيديهم لا تصل إلى طعامه، وأمن أن يكون قُصِدَ في نفسه وأهله بسوء.