وقوله: ﴿وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ﴾. قال القاسمي: (أي برهانًا يستدلون به على كمال قدرة بارئهم وخالقهم الذي نوع خلقهم. فخلق أباهم آدمَ من غير ذكر ولا أنثى. وخلق حواء من ذكر بلا أنثى. وخلق بقية الذرية من ذكر وأنثى، إلا عيسى فإنه أوجدهُ من أنثى بلا ذكر. فتمت القسمة الرباعية الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه).
وقوله: ﴿وَرَحْمَةً مِنَّا﴾. قال ابن جرير: (يقول: ورحمة منّا لك، ولمن آمن به وصدّقه أخلقه منكِ).
وقوله: ﴿وَكَانَ أَمْرًا مَقْضِيًّا﴾. قال وهب بن منبه: (أي إن الله قد عزم على ذلك، فليسَ منه بدّ).
ويحتمل أن يكون هذا من تمام كلام جبريل لمريم، أو هو خبر الله لرسوله محمد - ﷺ -.
٢٢ - ٢٦. قوله تعالى: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (٢٢) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَالَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا (٢٣) فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا (٢٤) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا (٢٥) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا (٢٦)﴾.
في هذه الآيات: اعتزال مريم عليها السلام بحملها مكانًا نائيًا عن الناس، وتحرك المخاض عليها فألجأها إلى جذع النخلة وتمنيها أن لو كان نُسِي أثرها، ومناداة الصبي من تحتها يطمئنها، وامتنان الله تعالى عليها بالطعام والشراب وقرة العين، وإخبارها قومها بالإشارة نذرها الصيام وهو الإمساك عن الكلام.
فقوله تعالى: ﴿فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا﴾. قال ابن عباس: (مكانًا نائيًا). وقال مجاهد: (قاصيًا).
قال ابن جرير: (يقول: فاعتزلت بالذي حملته، وهو عيسى، وتَنَحَّت به عن الناس مكانًا قصيًا. يقول: مكانًا نائيًا قاصيًا عن الناس).


الصفحة التالية
Icon