٣ - وقوله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [النساء: ٣٦].
وكذلكَ فإن السنة الصحيحة قد حفلت بآفاق هذا القران في أحاديث، منها:
الحديث الأول: في الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: [سألتُ النبي - ﷺ -: أيُّ العملِ أحَبُّ إلى الله تعالى؟ قال: الصلاةُ على وقتها. قلتُ: ثم أيّ؟ قال: بِرُّ الوالدين. قلتُ: ثم أيّ؟ قال: الجهادُ في سبيل الله] (١).
الحديث الثاني: أخرج الشيخان وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي اللهُ عَنْهُما قال: [أقبل رجلٌ إلى نبيِّ الله - ﷺ -، فقال: أُبايِعُكَ على الهجرةِ والجهاد أَبْتَغي الأجرَ مِنْ الله تعالى. قال: فهل لكَ مِنْ والِدَيكَ أحدٌ حَيٌّ؟ قال: نَعَمْ بل كلاهُما. قال: فتبتغي الأجْرَ من الله تعالى؟ قال: نعم. قال: فارجع إلى والديكَ، فأَحسن صُحْبَتَهُما] (٢).
وفي رواية لهما: أجاء رجل فاستأذنه في الجهاد فقال: أحيٌّ والِداك؟ قال: نعم، قال: ففيهما فجاهد].
والمقصود -كما ذكر أهل العلم- جهاد النفس في وصول البر إليهما، والتلطف بهما، وحسن الصحبة، والطاعة في غير ذلك. وفي الحديث دليل لعظم فضيلة بر الوالدين، وأنه آكد من الجهاد، إذا كان فرض كفاية، فيحرم عليه أن يجاهد إلا بإذنهما، أما إذا تعين فلا إذن- كما أفاد الفقهاء.
الحديث الثالث: أخرج البخاري ومسلم عن أبي أيوبَ الأنصاري رضي اللهُ عَنْهُ أنّ رجلًا قال: يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار. فقال النبي - ﷺ -: [تَعْبُدُ الله، ولا تشركُ به شيئًا، وتُقيمُ الصلاةَ، وتؤتي الزكاة، وتَصلُ الرحم] (٣).
وقوله: ﴿وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا﴾. أي: حفظني من الفسق والعقوق.

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه (١٠/ ٣٣٦) من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، وأخرجه مسلم كذلكَ -حديث رقم- (٨٥).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦/ ٩٧ - ٩٨)، (١٠/ ٣٣٨)، ومسلم (٢٥٤٩)، وأخرجه أبو داود (٢٥٢٩)، وأخرجه النسائي (٦/ ١٠) - (٧/ ١٤٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٣/ ٢٠٨)، وكذلكَ أخرجه مسلم (١٣)، وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon