وقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا﴾.
قال ابن عباس: (يعني الثناء الحسن). قال ابن جرير: (وكان الذي وهب لهم من رحمته، ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه، وأغناهم بفضله. وإنما وصف جلّ ثناؤه اللسان الذي جعل لهم بالعلوّ، لأن جميع أهل الملل تحسن الثناء عليهم).
٥١ - ٥٣. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥١) وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢) وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا (٥٣)﴾.
في هذه الآيات: ذِكرُ الله تعالى خبر عبده موسى وكان رسولًا نبيًّا، وناداه من جانب الطور الأيمن وقربه ووهب له أخاه هارون نبيًّا.
فقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مُوسَى إِنَّهُ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾.
أي: واذكر يا محمد في القرآن المنزل إليكَ من ربكَ موسى بن عمران، واقصص على قومكَ أنه كانَ مخلصًا ورسولًا نبيًّا.
وقرأ عامة قراء المدينة والبصرة ﴿مُخْلَصًا﴾ أي يخلص لله في العبادة ولا يشرك به.
وقرأها عامة قراء الكوفة خلا عاصم ﴿مُخْلَصًا﴾ أي أخلصه الله واصطفاه لرسالته وجعله نبيًّا مرسلًا إلى بني إسرائيل. وهما قراءتان مشهورتان.
قال ابن جرير: (كان - ﷺ - مُخْلِصًا عبادة الله، مُخْلَصًا للرسالة والنبوّة، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب الصواب).
وقوله تعالى: ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا﴾.
قال قتادة: (قوله: ﴿مِنْ جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ﴾ قال: جانب الجبل الأيمن).
قال ابن كثير: (أي: من جانِبهِ الأيمن من موسى، حين ذهب يبتغي من تلك النار جذوةً، رآها تلوح فقصدها، فوجدها جانب الطور الأيمن منه، غَرْبيّه عند شاطئ الوادي. فكلمه الله تعالى، وناداه وقربه فناجاه).
وقوله تعالى: ﴿وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا﴾.
قال ابن عباس: (كان هارونُ أكبر من موسى، ولكن أراد وهب له نبوّته).