والمعنى: ووهبنا لموسى رحمة منا أخاه هارون، أيّدناه بنبوته وأعنّاه بها، فكان نعم العون لأخيهِ.
وفي التنزيل ما يفسِّر ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ﴾ [القصص: ٣٤].
٢ - وقال تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَامُوسَى﴾ [طه: ٣٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ (١٣) وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ﴾ [الشعراء: ١٣ - ١٤].
قال بعض السلف: ما شَفَعَ أحدٌ في أحدٍ شفاعةً في الدنيا أعظمَ من شفاعة موسى في هارون أن يكونَ نبيًّا.
٥٤ - ٥٥. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (٥٤) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا (٥٥)﴾.
في هذه الآيات: ذكرُ الله خبر عبده إسماعيل وكان صادقًا رسولَا نبيًّا، وثناؤه تعالى عليه إذ كان يأمر أهلهُ بالصلاة والزكاة، وكان عند الله مرضيًّا.
فقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾.
ثناء عطرٌ من الله تعالى على إسماعيل بن خليل الله إبراهيم عليهما السلام، هو والد العرب. والمعنى: واذكر يا محمد -كذلك- في هذا القرآن إسماعيل واقصص خبره على قومك، إنه كان لا يكذب وعده، ولا يخلف عهده، وكان رسولًا نبيًّا.
قال ابن جريج: (﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾ قال: لم يَعِدْ ربه عِدةً إلا أنجزها).
وقيل: إنه وعد من نفسه بالصبر على الذبح وعلى قضاء الله وأمره فصبر حتى فدي.
قال القرطبي: (﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ قيل: أرسل إسماعيل إلى جُرْهُم. وكل الأنبياء كانوا إذا وعدوا صدقوا، وخصّ إسماعيل بالذكر تشريفًا له. واللهُ أعلم).
وقال ابن كثير: (﴿وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾، في هذا دلالة على شرف إسماعيل على أخيه إسحاق، لأنه إنما وُصف بالنبوة فقط، وإسماعيل وُصِفَ بالنبوة والرسالة).


الصفحة التالية
Icon