٥٦ - ٥٧. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (٥٦) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (٥٧)﴾.
في هذه الآيات: ثناء من الله تعالى على إدريس عليه الصلاة والسلام، وأنه كان صديقًا نبيًّا، ورفعه الله تعالى مكانًا عليًّا.
قال النسفي: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾ هو شرف النبوة والزلفى عند الله، وقيل معناه رفعته الملائكة إلى السماء الرابعة وقد رآه النبي - ﷺ - ليلة المعراج فيها).
وفي صحيح مسلم من حديث أنس -حديث الإسراء والمعراج- قال رسول الله - ﷺ -: [ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل ومن معك؟ قال: محمد. قيل: وقد بُعِثَ إليهِ؟ قال: قد بُعِثَ إليه. ففتح لنا فإذا أنا بإدريس فرحب بني ودعا لي بخير. قال الله عز وجل: ﴿وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا﴾] (١).
٥٨. قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا (٥٨)﴾.
في هذه الآية: ثناءُ الله تعالى على المرسلين، من ذرية آدم وممن حمل مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هداهم واصطفاهم للنبوة والكرامة وإقامة الدين، في تعظيمهم لأمر ربهم وخرورهم عند سماع آياته ساجدين باكين.
قال القاسمي: ﴿أُولَئِكَ﴾ إشارة إلى المذكورين في السورة من لدن زكريا إلى إدريس عليه السلام، وما فيه من معنى البعد، للإشعار بعلو رتبتهم وبعد منزلتهم في الفضل).
وقال ابن كثير: (يقول تعالى: هؤلاء النبيّون -وليس المراد المذكورين في هذه السورة فقط، بل جنس الأنبياء عليهم السلام، استطرد من ذكر الأشخاص إلى الجنس-).