أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون العذاب، إلا من آمن وعمل صالحًا وتداركَ نفسه بالتوبة إلى الله وأناب، فأولئك يدخلون الجنة ويرزقون فيها بغير حساب.
فقوله: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ﴾ أي قرون أُخر، خلفوا زمان الأنبياء في الأرض وقوله: ﴿أَضَاعُوا الصَّلَاةَ﴾ فيه تأويلان:
١ - قال القاسم بن مخيمرة: (إنما أضاعوا المواقيت، ولو كان تركًا كان كفرًا). وقال مسروق: (لا يحافظ أحد على الصلوات الخمس، فيكتب من الغافلين، وفي إفراطهن الهلكة، وإفراطهن: إضاعتهن عن وقتهن).
٢ - وقال القرظي: (يقول: تركوا الصلاة). واختاره ابن جرير.
قلت: بل مفهوم الإضاعة يشمل التأويلين معًا، فهو إضاعة من أركانها وواجباتها وحدودها وخشوعها ومواقيتها أو ترك لها بالكلية فترة من الزمن أو نحو ذلك.
وتفصيل ذلك:
١ - أما تركها بالكلية جحودًا فهو كفر وخروج عن الملة، وهو مذهب الجمهور من العلماء.
وفي ذلكَ أدلة من الحديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن جابر قال: قال رسول الله - ﷺ -: [بين المسلم وبين الكفر ترك الصلاة] (١).
وفي لفظ: [بين العبد وبين الشرك ترك الصلاة].
الحديث الثاني: أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة والنسائي بسند صحيح عن عبد الله بن بريدة، عن أبيهِ، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [العَهْدُ الذي بَيْنَنا وبَيْنَهم الصلاةُ فمن تركها فقد كفرَ] (٢).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أنس بن مالك، عن النبي - ﷺ -
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢٦٢١)، وابن ماجة (١٠٧٩)، والنسائى (١/ ٢٣١)، وأحمد (٥/ ٣٤٦)، من حديث عبد الله بن بريدة عن أبيه مرفوعًا.