نفسهُ بالتوبة والإيمان والعمل الصالح قبل فوات الأوان، فهؤلاء يدخلون الجنة ويتجاوز الله عما سلف منهم ببركة الصدق وصحيح العمل والإيمان.
ومن ثمَّ فإن تعويض ما فات من الصلوات ليس بما يسمونه قضاءها، فإن الصلاة التي فاتت قد فات وقتها لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾. وإنما كما صرحت هذه الآية بالإكثار من النوافل والعمل الصالح بعد التوبة وتصحيح الإيمان.
وفي ذلكَ جاءت السنة العطرة في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج ابن ماجة وأبو داود والترمذي بسند صحيح عن أنس بن حكيم الضبِّي قال: قال لي أبو هريرة: إذا أتيت أهل مصرك فأخبرهم أني سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: [إنَّ أَوَّل ما يُحاسَبُ به العَبْدُ المسلِمُ يوم القيامة، الصلاة المكتوبة. فإن أتَمَّها، وإلا قيلَ: انظروا هَلْ له من تطوُّع؟ فإن كان له تطوُّعٌ أكْمِلَت الفريضة من تطوعه ثم يُفْعَل بسائر الأعمال المفروضة مِثْلُ ذلك] (١).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند صحيح عن أبي هريرة قال: [إنَّ أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، قال: يقول ربنا جل وعزَّ لملائكته وهو أعلم: انظروا في صلاة عبدي أتمّها أم نقصها، فإن كانت تامة كتبت له تامة، وإن كان انتقص منها شيئًا قال: انظروا هل لعبدي من تطوع؟ فإن كان له تطوع قال: أتمّوا لعبدي فريضته من تطوعه، ثم تؤخذ الأعمال على ذاكم] (٢).
الحديث الثالث: روى أبو داود كذلك في الباب عن تميم الداري، عن النبي - ﷺ -بهذا المعنى- قال: [ثم الزكاة مثل ذلكَ، ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك] (٣).
وقوله تعالى: ﴿جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا﴾.
أي: سيدخل التائبون المغفور لهم بذنوبهم وتقصيرهم جنات إقامة التي أخبر بها
(٢) حديث صحيح. أخرجهُ أبو داود في السنن (٨٦٤)، وهو في حكم المرفوع، كما يدل عليه الحديث الذي قبله. وذكره أبو داود في باب: "قول النبي - ﷺ -: كل صلاة لا يتمها صاحبها تتم من تطوعه".
(٣) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٨٦٦) وانضر صحيح سنن أبي داود -حديث رقم- (٧٧١).