وفي التنزيل نحوه: ﴿وَالضُّحَى (١) وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى (٢) مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ [الضحى: ١ - ٣].
أخرج البزار بسند جيد عن أبي الدرداء يرفعه -قال: [ما أحلَّ الله في كتابه فهو حلالٌ، وما حرَّم فهو حرامٌ، وما سكتَ عنهُ فهو عافية، فاقبلوا من الله عافِيَتَه، فإن الله لم يكن لينسى شيئًا. ثم تلا هذه الآية: ﴿وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا﴾] (١).
وقوله: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾.
أي: ربك -يا محمد- رب السماوات والأرض وما بينهما، خالق كل شيء والمتصرف في كل شيء، فهو الحاكم لا معقب لحكمه، فاثبت على عبادته. قال النسفي: ﴿وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ﴾ أي: اصبر على مكافأة الحسود، لعبادة المعبود، واصبر على المشاق، لأجل عبادة الخلاق، أي: لتتمكن من الإتيان بها).
وقوله: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾. أي: شبيهًا.
قال ابن عباس: (هل تعلم للرب مِثْلًا أو شِبهًا). وقال أيضًا: (ليسَ أحدٌ يُسَمَّى الرحمنَ غيره). وقال ابن جريج: (لا شريكَ لهُ ولا مثل). وعن قتادة: (قوله: (﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ لا سمى لله ولا عِدل له، كِلّ خلقهِ يقرّ له، ويعترف أنه خالقه، ويعرف ذلكَ، ثم يقرأ هذه الآية: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ [الزخرف: ٨٧]).
٦٦ - ٧٢. قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الْإِنْسَانُ أَإِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا (٦٦) أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا (٦٧) فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا (٦٨) ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا (٦٩) ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا (٧٠) وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا (٧١) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا (٧٢)﴾.
في هذه الآيات: تكذيبُ الكافر بالبعث والحساب، وقد خلقهُ الله من العدم ووعده

(١) أخرجه البزار (١٢٣) (٢٢٣١)، وقال الهيثمي في "المجمع" (٧/ ٥٥): ورجاله ثقات.


الصفحة التالية
Icon