إيّايَ فقوله: لَنْ يُعيدني كما بدأني، وليسَ أوَّلُ الخَلْقِ بأَهْوَنَ عَلَيَّ من إعادتهِ، وأما شتمهُ إيّايَ فقوله: اتَّخَذَ اللهُ ولدًا، وأنا الأحد الصَّمدُ، لمْ أَلِدْ ولم أُولَدْ، ولم يَكُنْ لِي كُفُوًا أَحَدٌ] (١).
وأخرج البخاري نحوه عن ابن عباس رضي اللهُ عَنهما، عن النبي - ﷺ - قال: [قال اللهُ: كَذبني ابنُ آدمَ ولم يَكُنْ لهُ ذلك، وشتمني ولمْ يكُنْ له ذلكَ، فأما تكذيبهُ إيَّايَ فزعَمَ أني لا أقدرُ أن اعيدَهُ كما كانَ، وأما شَتْمُهُ إيّايَ فقولُه: لي وَلَدٌ، فسبحاني أن أتخِذ صاحبةً أو ولدًا].
وقوله تعالى: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾.
قسمٌ عظيم من الله سبحانه، إذ أقسم بنفسه الكريمةِ أنه لا بد -يا محمد- أن يَحْشُرَ هؤلاء المستنكرين البعث والمعاد، وشياطينهم الذين كانوا يعبدون من دون الله ثم ليحضرنهم قعودًا حول جهنم.
قال النسفي: (﴿فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ﴾ أي الكفار المنكرين للبعث ﴿وَالشَّيَاطِينَ﴾ الواو للعطف، وبمعنى مع أوقع، أي يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم يقرن كل كافر مع شيطان في سلسلة، وفي إقسام الله باسمهِ مضافًا إلى رسوله تفخيم لشأن رسوله).
والجثي جمع الجاثي. قال ابن عباس ﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾ يعني القعود، وهو مثل قوله: ﴿وَتَرَى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً﴾ [الجاثية: ٢٨]). وعن السدي: (﴿ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا﴾، قال: يعني قيامًا).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا﴾.
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ثم لنأخذن من كل جماعة منهم أشدّهم على الله عتوًا وتمرّدًا فلنبدأنّ بهم). والشيعة هم الجماعة المتعاونون على أمر.
قال مجاهد: ﴿مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ﴾: أمة. وقوله: ﴿عِتِيًّا﴾ قال: كفرًا). قال ابن عباس: (يقول: أيهم أشدّ للرحمن معصية، وهي معصيته في الشرك). وعن أبي الأحوص قال: (نبدأ بأكابر فالأكابر جرمًا). وعن قتادة قال: (ثم لننزعنَّ من أهل كلِّ دين قادتهم ورؤوسهم في الشر).