ثم كالريح، ثم كحضْرِ الفَرس، ثم كالراكب في رحلهِ، ثم كَشَدِّ الرَّجُلِ، ثم كَمَشْيِهِ] (١).
وأما قوله: ﴿كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا﴾، قال مجاهد: (قضاء) - أي: قضاء مقضيًا.
وقال قتادة: (قسمًا واجبًا).
وقوله تعالى: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾.
قال قتادة: (على ركبهم. قال: إن الناس وردوا جهنم وهي سوداء مظلمة، فأما المؤمنون فأضاءت لهم حسناتهم فَأُنْجُوا منها، وأما الكفار فأوبقتهم أعمالهم واحتبسوا بذنوبهم).
وفي صحيح مسلم من حديث جابر عن أم مُبَشِّر عن النبي - ﷺ - قال: [والذي نفسي بيدهِ، لا يلج النارَ أحدٌ بايع تحت الشجرة. قالت حفصة: فقلت: يا رسول الله، أليسَ اللهُ يقول: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا﴾ فقال: ألا تسمعيه قال: ﴿ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا﴾] (٢).
فأخبرها عليه الصلاة والسلام أن ورود النار لا يستلزم دخولها، وأن النجاة من الشر لا تستلزم حصوله بل تستلزم انعقاد سببه، فمن طلبه عدوه ليهلكوه ولم يتمكنوا منه يقال نَجّاه الله منهم، كما قال سبحانهُ: ﴿وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا﴾، ﴿فَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَالِحًا﴾ ولم يكن العذاب أصابهم بل أصاب غيرهم (٣).
يروي الحاكم والبيهقي بسنده عن مسروق عن عبد الله قال: (يجمع الله الناس يوم القيامة، إلى أن قال: فَيُعْطَوْن نورهم على قدر أعمالهم، وقال: فمنهم من يُعطى نورَهُ مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نورهُ فوق ذلكَ، ومنهم من يُعطى نوره مثل النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلكَ بيمينه حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ مرة، إذا أضاء قدّم قدمه، وإذا طفئ قام، قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف، دَحضٌ، مَزَلَّة، فيقال لهم: امضوا
(٢) حديث صحيح. أخرجهُ مسلم في صحيحه (٢٤٩٦)، وأخرجهُ أحمد في مسنده (٦/ ٤٢٠).
(٣) انظر شرح العقيدة الطحاوية -لابن أبي العز الحنفي- مسألة الصراط. وكتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان (١/ ٧٥٢) - بحث الصراط على جهنم والشفاعة.