على قدر نوركم، فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كشدِّ الرَّجل، يَرْمُلُ رَمَلًا، فيمرون على قدر أعمالهم، حتى يمر الذي نوره على إبهام قدمه، تخرّ يدٌ، وتعلق يد، وتخر رجل وتعلق رجل، وتصيب جوانبه النار، فيخلصون فإذا خلصوا قالوا: الحمدُ لله الذي نجّانا منك بعد أن أراناك، لقد أعطانا الله ما لم يُعطَ أحدٌ) (١).
فصفة الصراط كحدّ الموسى في دقتهِ، لا ينفع في المرور عليه إلا توفيق الله ورحمته.
يروي الحاكم بسند صحيح عن سلمان، عن النبي عليه الصلاة السلام، قال: [يوضع الميزان يوم القيامة فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت، فتقول الملائكةُ: يا رب لمن يزن هذا؟ فيقول اللهُ تعالى: لمن شئتُ من خلقي، فتقول الملائكةُ: سبحانكَ ما عبدناكَ حق عبادتكَ، ويوضع الصراط مثل حد الموسى فتقول الملائكةُ: من تجيز على هذا؟ فيقول: من شئت من حْلقي، فيقولون: سبحانكَ ما عبدناكَ حق عبادتك] (٢).
كما لا يستطيعُ أن يتدخلَ في الموقف ويشفع، إلا من أذن الله له بالكلام وأكرمه بالشفاعة، وإنما يُضرب الجسر على جهنم ثم تحل الشفاعة.
ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي اللهُ عنه: [أن ناسًا قالوا: يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله - ﷺ -: نعم، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحْوًا ليس معها سحاب؟ وهل تضارّون في رؤية القمر ليلة البدرِ صَحْوًا ليسَ فيها سحاب؟ قالوا: لا يا رسول الله! قال: ما تضارّون في رؤية الله يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامة أذَّن مؤذن: ليَتَّبع كلُ أمة ما كانت تعبد. فلا يبقى أحد كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار، حتى إذا لم يبقَ إلا من كان يعبُدُ الله من بَرٍّ وفاجرٍ، أتاهم رب العالمين، قال: فماذا تنظرون؟ يتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا فارَقنا الناس في الدنيا أفقرَ ما كنا إليهم ولم نصاحبهم.
وفي رواية: فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: نعم، فيكشف عن ساق، فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود، ولا يبقى من
(٢) حديث صحيح. رواه الحاكم (٤/ ٥٨٦) بسند صحيح من حديث سلمان رضي الله عنه، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٤١).