أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ (١٠٢)} [هود: ١٠٢] (١).
الحديث الثاني: أخرج أحمد والطبراني بسند قوي عن عقبة بن عامر مرفوعًا: [إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا: ﴿فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ﴾] (٢).
٨٥ - ٨٧. قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا (٨٥) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا (٨٦) لَا يَمْلِكُونَ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمَنِ عَهْدًا (٨٧)﴾.
في هذه الآيات: نَعْتُ الله تعالى حال المتقين كيف يردون إليه وفدًا، في حين يساق المجرمون إلى جهنم وردًا، لا شفيع لهم فإن الشفاعة تنال من اتخذ عند الله عهدًا: شهادة أن لا إله إلا الله ينال بها العبد سعادة ومَجْدًا.
فقوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا﴾ - إشارة إلى حسن الاستقبال والتكريم كما يستقبل الوفود. قال القاسمي: ﴿وَفْدًا﴾ أي وافدين عليه. وأصل الوفود القدوم على العظماء للعطايا والاسترفاد. ففيه إشارة إلى تبجيلهم وتعظيمهم، المزورِ والزائرِ).
وقوله تعالى: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾. أي: عِطاشًا. قال قتادة: (ظماءً إلى النار). والوِرْد جمع وارد، وحقيقة الورد المسير إلى الماء فيسمى به الواردون. وفي ذكرهم بالسَّوق إشعار بإهانتهم واستخفافهم.
قال النسفي: (أي يوم نحشر ونسوق نفعل بالفريقين ما لا يوسف. أي اذكر يوم نحشر. ذكر المتقون بأنهم يجمعون إلى ربهم الذي غمرهم برحمته كما يفد الوفود على الملوك تبجيلًا لهم. والكافرون بأنهم يساقون إلى النار كانهم نَعَم عطاش تساق إلى الماء استخفافًا بهم).
(٢) أخرجه أحمد (٤/ ١٤٥)، وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء" (٤/ ١١٥): رواه أحمد والطبراني والبيهقي في "الشعب" بسند حسن. وانظر سلسلة الأحاديث الصححيحة (٤١٤).