عالي قريتهم سافلها وأرسل عليهم حجارة متتابعة معلمة تسحقهم، وما هذا العذاب من الظالمين ببعيد.
فقوله تعالى: ﴿قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾ - فيه أقوال متقاربة:
١ - قال السدي: (قال لوط: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، يقول: إلى جند شديد، لقاتلتكم). وقال قتادة: (العشيرة).
٢ - وعن الحسن: (﴿أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، قال: إلى ركن من الناس). قال ابن جريج: (بلغنا أنه لم يبعث نبيٌّ بعد لوط إلا في ثَرْوةٍ من قومه، حتى النبي - ﷺ -).
٣ - وعن ابن إسحاق قال: (﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، أي: عشيرة تمنعني، أو شيعة تنصرني، لحلت بينكم وبين هذا).
والخلاصة: لقد تمنى لوط - عليه الصلاة والسلام - إذ حاصره قومه يريدون السوء والفاحشة بأضيافه، أن يكون في منعة من عشيرة أو نصرة من أعوان يدفعون عنه هؤلاء القوم الفاسدين الأشرار.
أخرج البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي - ﷺ - قال: [يَغْفرُ الله للوط إنْ كان ليأوي إلى ركنٍ شديد] (١). زاد أحمد: (إذ قال لقومه: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾).
وفي لفظ: [يرحم الله لوطًا، لقد كان يأوي إلى ركن شديد].
ورواه أحمد والطبري بلفظ: [رحمة الله على لوط، لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني الله، عز وجل - فما بعث الله بعده من نبيّ إلا في ثَرْوَةٍ من قومه].
وقوله: ﴿قَالُوا يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ﴾. قال ابن جرير: (قالت الملائكة للوط، لما قال لوط لقومه: ﴿لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ﴾، ورأوا ما لقي من الكرب بسببهم منهم: ﴿يَالُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ﴾، أرسلنا لإهلاكهم، وإنهم لن يصلوا إليك وإلى ضيفك بمكروه، فهوّن عليك الأمر).
وقوله: ﴿فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ﴾. أي: فاخرج أنت وأهلك ببقية من الليل من