أفلا تتعظون بمهالك هؤلاء الأقوام فَيَحْمِلكم ذلك على أخذ العبرة والحذر أن يصيبكم بشقاقي مثل الذي أصابهم.
وقوله تعالى: ﴿وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾.
أي: سارعوا بالمغفرة لنيل عفو الله ورضوانه، والتزموا منهج التوبة لتستقبلوا عظيم رحمته وإحسانه. ﴿إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ﴾ - قال النسفي: (يغفر لأهل الجفاء من المؤمنين. ﴿وَدُودٌ﴾ يحب أهل الوفاء من الصالحين). وقال ابن جرير: (يقول: هو رحيم بمن تاب وأناب إليه، أن يعذبه بعد التوبة، ﴿وَدُودٌ﴾، يقول: ذو محبة لمن أناب وتاب إليه، يودُّه ويحبه).
قلت: والودود فعول بمعنى مفعول، من الوُدِّ، فالله تعالى مودود أي: محبوب في قلوب أوليائه، أو هو فعول بمعنى: فاعل، أي: أن الله تعالى يودُّ عباده الصالحين، بمعنى: يرضى عنهم (١).
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ﴾ [البروج: ١٤].
٢ - وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: ٩٦].
وفي صحيح سنن الترمذي عن أبي هريرة، عن النبي - ﷺ - قال: [إذا أحب الله عبدًا نادى جبريل: إني قد أحببتُ فلانًا فأحِبَّهُ، فينادي في السماء، ثم تُنْزل له المحبة في الأرض، فذلك قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾] (٢).
٩١ - ٩٥. قوله تعالى: {قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ (٩١) قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢) وَيَاقَوْمِ

(١) انظر جامع الأصول (٤/ ١٧٩)، وكتابي: أصل الدين والإيمان (١/ ٣٩٦) لتفصيل ذلك.
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي في الجامع - حديث رقم - (٣٣٨٤) - كتاب التفسير - سورة مريم، آية (٩٦). وانظر صحيح سنن الترمذي - حديث رقم - (٢٥٢٨).


الصفحة التالية
Icon