اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ (٩٣) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (٩٤) كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (٩٥)}.
في هذه الآيات: استمرار استهزاء قوم شعيب برسولهم واستضعافه بل وتهديده. ومفاصلة شعيب لهم محذرًا لهم عذاب الله ونقمته دون جدوى منهم. ونزول أمر الله بعذابهم بالصيحة فأصبحوا في ديارهم جاثمين. ونجاةُ شعيب بإذن الله ومن معه من المؤمنين.
فقوله: ﴿قَالُوا يَاشُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ﴾.
إِخْبَارٌ عن إجابة قوم شعيب لشعيب: قالوا يا شعيب ما نعلم حقيقة كثير مما تخبرنا به ومما تقوله، ولا نفهم صحة ما تتكلم به، وهو إنكار منهم وعناد بلا ريب. لأنه كما قال سفيان: (وكان يقال له: "خطيب الأنبياء") (١).
وقوله: ﴿وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا﴾. قال النسفي: (لا قوة لك ولا عز فيما بيننا فلا تقدر على الامتناع منا إن أردنا بك مكرهًا.
وقوله: ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾. قال ابن زيد: (قالوا: لولا أن نتقي قومك ورهطك لرجمناك). قال ابن جرير: ﴿لَرَجَمْنَاكَ﴾ يعنون: لسببناك. وقال بعضهم: معناه: لقتلناك). والرجم أيضًا اللعن، ومنه: الشيطان الرجيم، أي الملعون المطرود عن الخير.
وقوله: ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيز﴾. قال القرطبي: (أي ما أنت علينا بغالب ولا قاهر ولا ممتنع).
وقوله: ﴿قَالَ يَاقَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ﴾. أي: أَبَلَغَ رهطي في قلوبكم أن يكون أعز عليكم وأجل من ربكم ومليككم سبحانه وتعالى. ﴿وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا﴾. أي: وجعلتم أمره تعالى خلف ظهوركم، فلا تأتمرون بأمره، ولا تجتنبون ما نهاكم عنه، ولا تعظِّمونَهُ حق تعظيمه؟.