قال النسفي: (﴿وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ﴾ بإهلاكنا إياهم ﴿وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ﴾ بارتكاب ما به أهلكوا) - أي من الكفر والمعاصي.
وقوله: ﴿فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾.
أي: لم تنفعهم أصنامهم ولا أوثانهم التي كانوا يعبدونها من دون الله شيئًا حين نزل بهم أمر الله بالإهلاك والدمار، فلا هم نفعوهم بِرَدِّ بأْسِ الله عنهم، ولا هم أنقذوهم مما حلَّ بهم من التدمير والتشريد والهلاك.
وقوله: ﴿وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ﴾. قال مجاهد وقتادة: (غير تخسير).
يقال في لغة العرب: تبَّ فلان إذا خسر، وتبَّبَهُ غيره إذا أوقعه في الخسران.
قال القرطبي: (والتَّبَاب الهلاك والخسران، وفيه إضمار، أي ما زادتهم عبادة الأصنام، فحذف المضاف، أي كانت عبادتهم إياهم قد خسَّرتهم ثواب الآخرة).
وقوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾.
إِخْبَارٌ من الله سبحانه عما جاءت به العادة في إهلاك من بغى من الأمم وظلم، وكفر بالله وأجرم، إن عقوبته سبحانه لأهل الشرك والبغي موجعة غليظة مؤلمة.
أخرج البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إن الله ليُملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يُفلِته. ثم قرأ رسول الله - ﷺ -: ﴿وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾] (١).
١٠٣ - ١٠٨. قوله تعالى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ (١٠٥) فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ (١٠٦) خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا