منا، وهي لا تستطيع نصر أنفسها ولا هي بمصحوبة منا بالنصر والتأييد).
وقوله: ﴿بَلْ مَتَّعْنَا هَؤُلَاءِ وَآبَاءَهُمْ حَتَّى طَالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ﴾.
قال ابن كثير: (يقول تعالى مخبرًا عن المشركين: إنما غرَّهم وحملهم على ما هم فيه من الضَّلال أنهم مُتِّعوا في الحياة الدنيا ونُعِّمُوا، وطالَ عليهم العُمر فيما هُم فيه، فاعتقدوا أنهم على شيء).
وقوله: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾.
قال الحسن البصري: (يعني بذلك ظهور الإسلام على الكفر). أي: أفلا يرى هؤلاء المشركون - يا محمد - كيف نخرّب البلاد في النواحي المجاورة والأرجاء المختلفة بقهرنا أهلها وغلبهم وإجلائهم. قال القاسمي: (أي ننقص أرض الكفر فَنُخَرِّبُها من نواحيها بقهرنا أهلها وغلبتنا لهم وإجلائهم عنها بالسيوف، فيعتبروا بذلك ويتعظوا به ويحذروا منا أن ننزل من بأسنا بهم نحو الذي قد أنزلنا بمن فعلنا ذلك به من أهل الأطراف).
وقوله: ﴿أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ - تقريعٌ للمشركين بغرورهم وجهلهم بالله وقدرته وجبروته. قال قتادة: (يقول: ليسوا بغالبين، ولكن رسول الله - ﷺ - هو الغالب).
وقوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾. أي بهذا التنزيل العظيم. قال قتادة: (أي بهذا القرآن).
وقوله: ﴿وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ﴾. أي لا يجدي هذا الإنذار عمن ختم الله على قلبه وطمس على سمعه وجعل على بصره غشاوة.
قال سعيد، عن قتادة: (يقول: إن الكافر قد صمَّ عن كتاب الله لا يسمعه، ولا ينتفع به ولا يعقله، كما يسمعه المؤمن وأهل الإيمان).
٤٦ - ٤٧. قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)﴾.
في هذه الآيات: إقرار المكذبين بذنوبهم عند حلول العذاب بهم، والوزن يوم القيامة هو الحق فلا تظلم نفس مثقال ذرة وكفى بالله حفيظًا.