ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وكانوا لله عابدين. وإعطاء الله تعالى نبيَّه لوطًا - ﷺ - علمًا وحكمًا وحمايته من القوم الفاسقين، وإدخاله في رحمته إنه كان من الصالحين.
فقوله تعالى: ﴿وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ﴾.
قال قتادة: (كانا بأرض العراق، فأنجيا إلى أرض الشام، وكان يقال للشأم عماد دار الهجرة، وما نقص من الأرض زيد في الشأم، وما نقص من الشأم زيد في فلسطين، وكان يقال: هي أرض المحشر والمنشر، وبها مجمع الناس، وبها ينزل عيسى بن مريم، وبها يهلك الله شيخ الضلالة الكذّاب الدجال).
والمقصود: أن الله تبارك وتعالى لما سَلَّم إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - من نار قومه، أخرجه من بين ظهرانيهم إلى بلاد الشام، إلى الأرض المقدسة منها.
قلت: والشام مُهاجَرُ الأمة من الفتن إلى قيام الساعة، وفيها بقية المؤمنين والماء. وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، وذلك في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الحاكم في "المستدرك" بسند صحيح عن عبد الله موقوفًا - في حكم المرفوع -: [يُوشِك أن تَطْلُبوا في قُراكم هذه طَسْتًا مِنْ ماءٍ فلا تجدونَهُ، يَنْزَوي كلُّ ماءٍ إلى عُنْصُرِه، فيكون في الشام بقيَّةُ المؤمنين والماء] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي بسند صحيح عن زيد بن ثابت الأنصاري رضي الله عنه قال: [سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! يا طوبى للشام! قالوا: يا رسول الله وبم ذلك؟ قال: تلك ملائكة الله باسطو أجنحتها على الشام].
وفي رواية: [طوبى للشام، إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه] (٢).
وفي لفظ: [لأنَّ ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه].
الحديث الثالث: أخرج أحمد في المسند عن أبي الدرداء مرفوعًا: [بينما أنا نائم إذ رأيتُ عمودَ الكتاب احتمل من تحت رأسي، فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري، فعُمِدَ به إلى الشام. ألا وإن الإيمان حين تقع الفتن بالشام].
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢/ ٣٣)، والحاكم (٢/ ٢٢٩)، وأحمد (٥/ ١٨٤). وسنده صحيح.