ابن مريم، في الأولى والآخرة. قالوا: كيف؟ يا رسول الله! قال: الأنبياءُ إخوةٌ من عَلّات، وأُمَّهاتهم شتَّى، ودينهم واحد، فليسَ بَيْنَنا نبيٌّ] (١).
قال الزجاج: (انتصب ﴿أُمَّةً﴾ على الحال، أي في حال اجتماعها على الحق، أي هذه أمتكم ما دامت أمة واحدة واجتمعتم على التوحيد، فإذا تفرقتم وخالفتم فليسَ من خالف الحق من جملة أهل الدين الحق).
وقوله: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾. أي: أفردوني بالعبادة والتعظيم.
وفي التنزيل: ﴿يَاأَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ﴾ [المؤمنون: ٥١ - ٥٢].
وقوله: ﴿وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ﴾. قال ابن زيد: (تقطعوا: اختلفوا، في الدين).
قال ابن كثير: (أي: اختلفت الأمم على رُسُلِها، فمن بين مُصَدِّق لهم ومكذِّب).
وقوله: ﴿كُلٌّ إِلَيْنَا رَاجِعُونَ﴾. تَوَعُّدٌ لأهل الزيغ والضلال، وأهل العناد وتكذيب الرسل بعذاب النكال. فالمرجع إلى الله تعالى يوم القيامة فيجازي كلًّا بعمله، فيسعد المحسن ويشقى المسيء.
وقوله: ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ﴾.
أي: من عمل الصالحات وقد جاء مؤمنًا على منهاج الإيمان لا اعوجاج فيه ولا انحراف، فإن الله تعالى يثيبه ويبارك له سعيه فلا يظلم مثقال ذرة.
وفي التنزيل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾ [الكهف: ٣٠].
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إنَّ الله لا يظلمُ مُؤمنًا حسَنةً، يُعْطي بها في الدنيا ويَجْزي بها في الآخرة، وأما الكافر فَيُطْعَمُ بحسناتِ ما عَمِلَ بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرةِ، لم تَكُنْ لهُ حَسَنَةٌ يُجْزى بها] (٢).
وقوله: ﴿وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ﴾. أي: نكتب عمله الصالح كله، صغيره وكبيره، وقليلهُ وكثيره، لينعم بثوابه وتضاعف أجره يوم القيامة.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٣٦٥) (١٤٥)، كتاب الفضائل، باب فضائل عيسى عليه السلام.
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٠٨) - كتاب صفات المنافقين. حديث (٥٦)، (٥٧).


الصفحة التالية
Icon