أي: لهؤلاء المشركين وآلهتهم زفير في نار جهنم وهم في النار لا يسمعون.
قال النسفي: ﴿لَهُمْ﴾ للكفار ﴿فِيهَا زَفِيرٌ﴾ أنين وبكاء وعويل ﴿وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ﴾ شيئًا ما، لأنهم صاروا صمًا وفي السماعِ نوع أنس فلم يعطوه).
وفي التنزيل: ﴿لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ﴾ [هود: ١٠٦]. والزفير: خروج أنفاسهم، والشهيق: ولوج أنفاسهم.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾.
قال عكرمة: (﴿الْحُسْنَى﴾ الرحمة). وقال غيره: السعادة.
أخرج الطبراني والحاكم بسند صحيح عن ابن عباس قال: [لما نزلت: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾. قال عبد الله ابن الزِّبَعْرَى: أنا أخصم لكم محمدًا، فقال: يا محمد! أليس فيما أنزل عليكَ: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ﴾؟ قال: نعم. فهذه النصارى تعبدُ عيسى وهذه اليهود تعبد عزيرًا وهذه بنو تميم تعبد الملائكة فهؤلاء في النار؟ ! فأنزل الله عزَّ وجل: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾] (١).
وعن عطاء، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: [لما نزلت هذه الآية: ﴿إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾ الآية، قال المشركون: عيسى يعبد، وعزير والشمس والقمر! فانزل سبحانهُ وتعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾] (٢).
والخلاصة: إن الذين سبقت لهم من الله السعادة أحسن الله مآلهم وثوابهم بما أسلفوا من الأعمال الصالحة في الدنيا، فنجاهم سبحانهُ من العذاب وحصَّل لهم رفيع الثواب.
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ﴾ [يونس: ٢٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: ٦٠].
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري، أن النبي - ﷺ - قال: [إن الله عز وجل
(٢) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" بسند صحيح. وانظر المرجع السابق.