كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} فيه عظيم الثواب، وجزيل التكريم، ورفيع الحِباء، مقابل ما صبرتم في الدنيا على طاعة الله وتعظيم أمره، واجتناب نهيه وحراسة دينهِ في الأرض.
وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - ﷺ -: [حُفَّتْ الجنَّةُ بالمكاره، وحُفَّت النارُ بالشهوات] (١).
١٠٤ - ١٠٧. قوله تعالى: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ (١٠٤) وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ (١٠٥) إِنَّ فِي هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ (١٠٦) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)﴾.
في هذه الآيات: طيُّ الله السماء يوم القيامةِ كطي الصحف، وثبوت البشرى للمؤمنْين الصابرين على منهاج النبوة بملك الدنيا وسياستها وعز الآخرة. وهذا النبي الكريم، إنما هو رحمة لجميع العالمين.
فقوله: ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: كطي الصحيفة على الكتاب). وفي رواية: (كطي الصحف).
وقال مجاهد: (السِّجل الصحيفة). والمقصود: كطي الصحف على ما فيها من المكتوبات.
وقوله: ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ﴾. أي: كما بدأ سبحانه الخلق فهو القادرُ على إعادتهم وإحيائهم من قبورهم ليوم البعث والحساب. قال مجاهد: (حُفاة عُراة غُرْلًا).
وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي اللهُ عَنْهُما قال: [خطب النبي - ﷺ - فقال: إنكم محشورون إلى الله حُفاةً عُرَاةً غُرْلًا ﴿كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾، ثم إنَّ أوَّلَ مَنْ يكْسَى يوم القيامة إبراهيم، ألا إنَّهُ يُجاء برجالٍ من أمتي، فيؤخذُ بهم ذات الشمال فأقول: يا رب أصحابي، فيُقالُ: لا تَدْري ما أَحْدَثوا