بتأخير العقوبة فيها. وقيل: هو رحمة للمؤمنين والكافرين في الدنيا بتأخير عذاب الاستئصال والمسخ والخسف).
وبعض أهل اللغة يذهبون إلى نصب ﴿رَحْمَةً﴾ على الحال، والتقدير: "ذا رحمة". ومنهم من يجعلها مفعولًا له. فيكون "إلا" للحصر، و"رحمة": مفعول لأجلهِ منصوب، وهذا وجه قوي.
وفي التنزيل: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨].
ومن كنوز السنة الصحيحة في ذلك أحاديث كثيرة، منها:
الحديث الأول: أخرج ابن سعد في "الطبقات" والحاكم في "المستدرك" بسند صحيح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [يا أيها الناس، إنما أنا رحمة مهداة] (١).
الحديث الثاني: أخرج ابن عساكر بسند صحيحع لشواهده عن علي مرفوعًا: [إن الله بعثني إلى كل أحمرَ وأسودَ، ونُصرت بالرُّعب، وَأُحِلَّ ليَ المغنمُ، وجُعلت ليَ الأرضُ مسجدًا وطهورًا، وأعطيتُ الشفاعة للمذنبين من أمتي يوم القيامة] (٢)،
الحديث الثالث: روى مسلم في صحيحه عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: [قيلَ يا رسول الله! ادْعُ على المشركين، قال: إني لمْ أبْعَثْ لعَّانًا، وإنما بُعِثْتُ رحمةً] (٣).
الحديث الرابع: روى مسلم عن أبي صالح عن أبي هريرةَ قال: قال رسول الله - ﷺ -: [اللهمَّ إنما أنا بَشَرٌ، فأَيُّما رَجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُهُ، أو لَعَنْتُهُ، أو جَلَدْتُهُ، فاجْعلها له زكاةً ورحمة] (٤).
الحديث الخامس: أخرج أبو داود بسند صحيح عن عمرو ابن أبي قرة قال: [كان

(١) حديث صحيح. أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (١/ ١٩٢) عن أبي صالح بإسناد صحيح مرسل، والحاكم في "المستدرك" ووصله عن أبي هريرة. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٤٩٠).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن عساكر، وله شواهد كثيرة. انظر "مجمع الزوائد" (٨/ ٢٣٨ - ٢٣٩)، وصحيح الجامع الصغير - حديث رقم - (١٧٢٤).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٢٥٩٩) - كتاب البر والصلة، وأبو يعلى (٦١٧٤).
(٤) حديث صحيح. رواه مسلم في الصحيح - حديث رقم - (٢٦٠١) - كتاب البر والصلة، وانظر: (٢٦٠٢)، (٢٦٠٠) من الباب نفسه.


الصفحة التالية
Icon