بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٢. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (٢)﴾.
في هذه الآيات: أمْرُ الله عباده أنْ يَصْدُقوه التقوى فإن زلزلةَ أهوال القيامة شيء عظيم. فهنالك تترك الأم ولدها لشدة الكرب وتُسْقِطُ كل حامل حملها وترى الناس سكارى من شدة الخوف وليس من الشراب، فلقد عَظُم ما يعاينونه من الأهوال.
فقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾.
ترغيب وترهيب، وتطميع وتخويف، يحث الله تعالى بذلك عباده على استفراغ وسعهم في تقواه، والاستعداد لمواجهة أحداث يوم عصيب، وأهوال قيام الساعة.
وأصل الزلزلة شدة الحركة، فهي من زَلَّ عن الموضع إذا زال عنه وتحرّك. والجمهور على أنها الزلزلة المعروفة التي هي إحدى شرائط الساعة، والتي تكون في الدنيا قبل يوم القيامة.
قلت: والراجح أن هذه الزلزلة تشمل إضافة لذلك أهوال يوم الحشر وما يكون فيه من أمور عظيمة، فإن لفظة "الزلزلة" تستعمل في تهويل الشيء، وقد جاءت السُّنةُ الصحيحة بتفصيل زلزلة ذلك اليوم في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج الترمذي بسند صحيح عن عمران بن حصين قال: [كنا مع النبي - ﷺ - في سفر فتفاوت بين أصحابه في السير، فرفع رسول الله - ﷺ - صوته بهاتين الآيتين: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ - إلى قوله - ﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾. فلما سمع ذلك أصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عِندَ قَول يقوله. فقال:


الصفحة التالية
Icon