"هَلْ تَدْرُونَ أيُّ يَوْمٍ ذلِكَ؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "ذلك يَوْمٌ يُنادي الله فيه آدمَ فيناديه رَبُّهُ فيقول: يا آدمُ ابْعَث بَعْثَ النار. فيقول: أي رَبِّ وما بعثُ النار؟ فيقول: مِنْ كلِّ ألف تِسْعُ مَئَةٍ وتِسْعَةٌ وتِسعون إلى النار، وواحِدٌ إلى الجنة". فَيَئِسَ القومُ حتى ما أبْدَوا بِضاحِكةٍ. فلما رأى رسول الله - ﷺ - الذي بأصحابه قال: "اعملوا وأبشروا، فوالذي نَفسُ مُحَمَّدٍ بيدِه، إنّكمُ لَمعَ خليقَتَيْنِ ما كانتا مع شيء إلا كَثَّرتاهُ: يأجوجُ ومأجوجُ، ومَنْ ماتَ مِنْ بني آدم، وَبَني إبليسَ".
قال: فسُرِّيَ عن القوم بعض الذي يجدون، قال: "اعملوا وأبْشِروا فوالذي نَفْسُ محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشَّامَةِ في جَنْب البعير أو كالرَّقْمَةِ في ذراع الدّابة"] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري في صحيحه عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي - ﷺ -: [يقول الله عزَّ وجلَّ يومَ القيامة: يا آدمُ، فيقولُ: لَبَّيْكَ رَبَّنا وسَعْدَيك. فَيُنادَى بِصَوْتٍ: إنَّ الله يأمُرُكَ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ ذُرِّيَتِكَ بَعْثًا إلى النار. قال: يا رَبّ وما بَعْثُ النار؟ قال: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ -أُراه قال- تِسْعَ مئَةٍ وتِسْعَةً وَتِسْعينَ، فحينَئذٍ تضُعُ الحامل حَمْلَها ويشيبُ الوليد ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾. فَشَقَّ ذلك علىٍ الناس حتى تَغَيَّرَتْ وُجُوهُهُمْ، فقال النبي - ﷺ -: "مِنْ يأجوجَ ومأجوجَ تِسعَ مئَةٍ وتِسْعَةً وتِسْعينَ ومنْكم وَاحدٌ. ثم أنتم في الناس كالشَّعْرَةِ السَّوْداء في جَنْبِ الثَّوْرِ الأبيضِ أو كالشَّعْرَةِ البيضاء في جَنْبِ الثَّوْر الأسْوَدِ، وإني لأرجو أن تكونوا رُبُعَ أهل الجنة" فَكَبَّرْنا، ثُمَّ قال: "ثُلُثَ أهل الجنة" فَكَبَّرْنا، ثم قال: "شَطْرَ أهل الجنة" فَكَبَّرْنا] (٢).
الحديث الثالث: أخرج أبو يعلى وابن حبان والحاكم بسند حسن من حديث أنس قال: [﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ﴾ - إلى - ﴿وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ﴾ قال: نزلت على النبي - ﷺ - وهو في مَسير له، فرفع بها صوته حتى ثابَ إليه أصحابه فقال: "أتدرون أيَّ يوم هذا؟ هذا يوم يقول الله عزَّ وجلَّ لآدم - ﷺ - يا آدم قم فابعث بَعْثَ أهل النار، من كل ألف تِسع مئةٍ وتسعة وتسعون إلى النار وواحد
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٧٤١)، كتاب التفسير، سورة الحج، باب قوله: ﴿وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى﴾ [الحج: ١٢] وانظر صحيح مسلم (٢٢٢)، ومسند أحمد (٣/ ٣٢).