الجنة، وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار] (١).
قال الإمام الطحاوي رحمه الله: (وقد علم الله تعالى فيما لم يزل عددَ مَنْ يدخل الجنة وعدد من يدخل النار، جملة واحدة، فلا يزاد في ذلك العدد ولا ينقص منه، وكذلك أفعالهم فيما علم منهم أن يفعلوه، وكل ميسر لما خُلِقَ له، والأعمال بالخواتيم، والسعيد من سعد بقضاء الله، والشقي من شقي بقضاء الله) (٢).
١٥ - ١٦. قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ (١٥) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦)﴾.
في هذه الآيات: دَعْوَةُ الحاقدين على نَصْرِ الله نبيّه أن يموتوا بغيظهم، ويخنقوا أنفاسهم، فإن الله أنزل عليه القرآن بالحق، ووعده النصر، وهو تعالى يوفق ويهدي من يريد.
فعن قتادة: ﴿مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ﴾ قال: من كان يظنّ أن لن ينصر الله نبيّه - ﷺ -، ﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ﴾ يقول: بحبل إلى سماء البيت ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ يقول: ثم ليختنق ثم لينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ).
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (﴿فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ﴾، أي: ليتوصَّلَ إلى بلوغ السماء، فإن النصرَ إنما يأتي محمدًا من السماء، ﴿ثُمَّ لْيَقْطَعْ﴾ ذلك عنه، إن قَدَرَ على ذلك).
وعن السدي: (﴿فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ﴾: يعني من شأن محمد - ﷺ -).
وقال عطاء: (فلينظرْ هل يَشْفي ذلك ما يجدُ في صدره من الغيظ).
وغاية المعنى: من ظَنَّ أن الله سيخذل محمدًا وكتابه ودينه فليذهب فليقتل نفسه، فإن الله تعالى تكفّل بنصره وتأييده وإظهاره على عدوه، فمن لم يعجبه ذلك فليخنق نفسه وليحترق غيظًا. فهو كما قال ابن عباس: (من كان يظن أن لن ينصر الله محمدًا، فليربط حبلًا في سقف، ثم ليختنق به حتى يموت).
(٢) متن العقيدة الطحاوية. وانظو تفصيل البحث في كتابي: أصل الدين والإيمان (٢/ ٨٠٣ - ٩٠٧).