سجدة ثم سجد. فقال ابن عباس: فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة].
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد في المسند، والترمذي في الجامع، وابن ماجة في السنن، بسند حسن عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي - ﷺ -: [إني أرى ما لا ترون، وأسمع ما لا تسمعون، أطَّت السماء وحُقَّ لها أن تَئِطَّ، ما فيها موضِعُ أربع أصابعَ إلا وملك واضِعٌ جبهته لله تعالى ساجدًا، والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلًا، ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفُرُش ولخرجتم إلى الصُّعُدات تجأرون إلى الله] (١).
وقوله: ﴿وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ﴾. قال مجاهد: (المؤمنون). قال ابن جرير: (يقول: ويسجد كثير من بني آدم، وهم المؤمنون بالله).
وقوله: ﴿وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾. قال مجاهد: (وكثير أبى السجود، لأن قوله ﴿حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ﴾ يدل على معصية الله وإبائه السجود، فاستحقّ بذلك العذاب). وقال أيضًا: (وكثير من بني آدم حقّ عليه عذاب الله، فوجب عليه بكفره به، وهو مع ذلك يسجد لله كله).
وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [إذا قرأ ابْنُ آدم السَّجْدَةَ فسَجَدَ، اعتزلَ الشيطانُ يبكي، يقول: يا وَيْلَهُ -وفي رواية: يا وَيْلي! - أُمِرَ ابْنُ آدمَ بالسجود فسَجَدَ فله الجَنَّة، وأمِرْتُ بالسجود فَأبَيْتُ فَلِيَ النَّار] (٢).
وفي رواية: "فعصيت فلي النار".
وقوله: ﴿وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ﴾.
أي: ومن يهن الله بالشقاوة فما له من مكرم بالسعادة.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ﴾. قال النسفي: (من الإكرام والإهانة وغير ذلك، وظاهر هذه الآية والتي قبلها ينقض على المعتزلة قولهم، لأنهم يقولون شاء أشياء ولم يفعل، وهو يقول يفعل ما يشاء).
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٨١)، كتاب الإيمان. ورواه ابن ماجة (١٠٥٢)، وأحمد (٢/ ٤٤٣).