﴿بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ الرَّهْبِ فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ﴾ [القصص: ٣٢]. فهذا برهان ثانٍ لموسى - ﷺ - إذْ أمره ربه أن يدخل يده في جيبه تخرج بيضاء من غير سوء: أي من غير برص ولا أذى ولا شين.
وعن ابن عباس: (﴿تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ﴾ قال: من غير برص). قال الحسن: (أخرجها الله من غير سوء، من غير برص، فعلم موسى أنه لقي ربه).
وقوله تعالى: ﴿لِنُرِيَكَ مِنْ آيَاتِنَا الْكُبْرَى﴾.
قال ابن جرير: (كي نريك من أدلتنا الكبرى على عظيم سلطاننا وقدرتنا).
وقوله تعالى: ﴿اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى﴾. أي تجاوز قدره وحدّه، وتمرَّدَ على ربه.
قال ابن كثير: (أي: اذهب إلى فرعون ملك مصر، الذي خَرَجت فارًّا منه وهاربًا، فادعه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وَمُرْهُ فليُحْسِن إلى بني إسرائيل ولا يعذبهم، فإنه قد طغى وبغى، وآثر الحياة الدنيا، ونسي الرب الأعلى).
٢٥ - ٣٥. قوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (٢٦) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي (٢٨) وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (٢٩) هَارُونَ أَخِي (٣٠) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (٣١) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (٣٢) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (٣٣) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا (٣٤) إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا (٣٥)﴾.
في هذه الآيات: رجاءُ موسى عليه الصلاة والسلام رَبّه، أن يشرح صدره، وييسر أمره، ويزيل العجمة من لسانه، ويجعل هارون وزيرًا له يعينه في أمره، رجاء إقامة منهج التعظيم لله وحده والإكثار من ذكره، إنه هو السميع البصير.
فقوله تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (٢٥) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ - سؤال من موسى عليه السلام ربّه تبارك وتعالى ليشرح صدره فيما بعثه به، إلى أكبر طغاة الأرض وأكثرهم جنودًا وأعمرهم ملكًا. وأن يكون له في مهمته عَونًا ونصيرًا وظهيرًا.
قال ابن زيد: (﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ قال: جرأة لي). وقال القرطبي: (﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي﴾ أي وسَّعه ونوّره بالإيمان والنبوة ﴿وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي﴾ أي سهّل عليّ ما أمرتني به من