٢ - وقال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ﴾ [المائدة: ٣٧].
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله - ﷺ - قال: [نارُكم جُزْءٌ من سبعين جُزْءًا من نار جهنم. قيل: يا رسول الله، إن كانت لكافية، قال: فُضِّلتْ عليهن بِتِسْعةٍ وستِّينَ جُزْءًا كُلُّهنَ مِثْلُ حَرِّها] (١).
٢٣ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ (٢٣) وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: ذكْرُ الصورة المقابلة للصورة السابقة، فأهل الجنة في النعيم المقيم، في الوقت الذي فيه أهل النار في أشد الجحيم، فالمؤمنون تجري من تحتهم الأنهار ويحلون من أساور الذهب واللؤلؤ ويلبسون الحرير وينعمون بتمام المِنّة. وقد هداهم الله إلى طيب القول وإلى منازلهم في الجنة.
فقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ﴾.
قال ابن كثير: (أي: تتخَرّق في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحت أشجارها وقُصورها، يَصْرفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا).
وقوله: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾. الأساور: جمع أَسْوِرة، وأسورة واحدها سِوار. قال القرطبي: (قال المفسرون: لما كانت الملوك تلبَس في الدنيا الأساور والتِّيجان جعل الله ذلك لأهل الجنة، وليس أحد من أهل الجنة إلا وفي يده ثلاثة أسورة: سوار من ذهب، وسوار من فضة، وسوار من لؤلؤ. قال هنا وفي فاطر: ﴿مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا﴾ [فاطر: ٣٣]. وقال في سورة الإنسان: ﴿وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ﴾ [الإنسان: ٢١]).