وقوله: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ - فيه أقوال متقاربة متكاملة.
١ - قال ابن عباس: (ألهموا). وقيل: الطيب من القول: القرآن، وقيل: لا إله إلا الله. وقيل: الأذكار المشروعة.
٢ - قال ابن زيد: (هدوا إلى الكلام الطيب: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، قال الله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ﴾ [فاطر: ١٠]).
٣ - قال ابن جرير: (وهداهم ربهم في الدنيا إلى شهادة أن لا إله إلا الله).
٤ - قال ابن كثير: (فهُدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب) - يعني في الجنة. ولا شك أن الكلام الطيب يشمل تحية أهل الجنة، وتحية الملائكة لهم "السلام"، وكذلك التسبيح والتحميد.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ [إبراهيم: ٢٣].
٢ - وقال تعالى: {وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ﴾
[الرعد: ٢٣ - ٢٤].
٣ - وقال تعالى: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾ [الواقعة: ٢٥ - ٢٦].
وفي صحيح مسلم عن جابر قال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: [إنَّ أهلَ الجنة يأكلون فيها ويشربون، ولا يَتْفِلونَ ولا يبولون، ولا يتغوَّطون ولا يمتخِطون. قالوا: فما بال الطعام؟ قال: جُشاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ المسْكِ، يُلْهمون التسبيح والتحميد، كما يُلهمونَ النَّفَس] (١). وفي رواية: (ويُلهمون التسبيح والتكبير، كما يُلهمون النَّفَس).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [قلوبهم قلبٌ واحدٌ، يسبحون الله بُكرةً وعَشِيًّا] (٢).
وقوله: ﴿وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ﴾. أي: في الدنيا والآخرة. والحميد فعيل بمعنى

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٨٣٥) - كتاب الجنة ونعيمها.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٢٤٥)، وأخرجه مسلم (٢٨٣٤) ح (١٧)، وقد مضى بتمامه.


الصفحة التالية
Icon