مفعول: أي محمود. قال النسفي: (أي أرشد هؤلاء في الدنيا إلى كلمة التوحيد وإلى صراط الحميد أي الإسلام، أو هداهم الله في الآخرة وألهمهم أن يقولوا الحمد لله الذي صدقنا وعده، وهداهم إلى طريق الجنة. والحميد الله المحمود بكل لسان).
قلت: والهداية المذكورة في هذه الآية هي النوع الرابع من أنواع الهداية. فالهداية كما وردت في القرآن والسنة تقسم إلى الأقسام الآتية:
١ - هداية الخالق العامة لجميع خلقه لمصالحهم. كما قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (٢) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى﴾ [الأعلى: ٢ - ٣].
٢ - هداية الدلالة والإرشاد. وهي هداية البيان وإقامة الحجة من الرسل على أممهم. قال تعالى: ﴿رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمً﴾ [النساء: ١٦٥]. وقال تعالى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾ [الإنسان: ٣].
وفي صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعًا: [إنه لم يكن نبيّ قبلي إلا كان حقًّا عليه أن يدلَّ أمته على خيرِ ما يعلمه لهم وينذرهم شرَّ ما يعلمه لهم.. ] الحديث (١).
٣ - هداية التوفيق والإلهام. وهي هداية خاصة بالمؤمنين الذين أخلصوا دينهم لله. قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ﴾ [التغابن: ١١]. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ [العنكبوت: ٦٩].
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن قتادة بن النعمان، أنّ رسول الله - ﷺ - قال: [إذا أحبَّ الله عَبْدًا حَماهُ في الدنيا كما يَظَلُّ أحدُكُم يَحْمي سَقيمَهُ الماء] (٢).
٤ - هداية الله المؤمنين يوم القيامة إِلى الجنة. وهي هداية في الدار الآخرة إلى مساكن النعيم والخلود. قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ﴾ [يونس: ٩]. قال مجاهد: (يهديهم ربهم بإيمانهم: يكون لهم نورًا يمشون به). وقال ابن جرير: (يرشدهم ربهم بإيمانهم إلى الجنة).
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٢١٢٣) - أبواب الطب. انظر صحيح سنن الترمذي (١٦٥٩).