وعن مجاهد: (﴿سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ (٥) وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ [محمد: ٥ - ٦]. قال: يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا، لا يستدلون عليها أحدًا). وقال ابن عباس: (هم أعرف بمنازلهم من أهل الجمعة إذا انصرفوا إلى منازلهم).
وفي صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن نبيّ الله - ﷺ - قال: [إذا خَلَصَ المؤمنون من النار حبسوا على قنطرة بين الجنة والنار، يتقاصُّون مظالم كانت بينهم في الدنيا، حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم بدخول الجنة، والذي نفسي بيده إن أحدهم بمنزله في الجنة أدل منه بمسكنه كان في الدنيا] (١).
وله شاهد فيه من حديث أبي هريرة مرفوعًا: [والذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأحوالكم ومساكنكم من أهل الجنة بأزواجهم ومساكنهم إذا دخلوا الجنة].
٢٥ - ٢٩. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (٢٥) وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (٢٦) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ (٢٧) لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (٢٨) ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (٢٩)﴾.
في هذه الآيات: ذمُّ الله الكفار الذين يصدون عن سبيله ويمنعون المؤمنين من المسجد الحرام الذي جعله الله للصلاة والطواف والعبادة يقصده الناس من جميع الأمصار. وتوعّد من يَهّم في الحرم بأمر فظيع من الشرك أو المعاصي الكبار بعذاب أليم. وتعيين الله تعالى لخليله إبراهيم مكان البيت للعمارة والعبادة، وأمره مناداة