٢ - وقال تعالى: ﴿وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ [البقرة: ١٢٥].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [البقرة: ١٢٧].
فالأساسات التي قام عليها البيت موجودة من قبل، وإنما رفع البناء عليها وجدّده إبراهيم بمعاونة ابنه إسماعيل عليهما الصلاة والسلام.
وفي صحيح البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: [قلت: يا رسول الله، أيُّ مَسْجدٍ وُضِعَ في الأرض أؤَل؟ قال: "المسجد الحرام"، قال: قلت: ثم أيُّ؟ قال: المسجِدُ الأقصى. قلت: كم كانَ بينَهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أيْنَما أدْرَكتْكَ الصلاةُ بَعْدُ فَصَلِّهِ فإن الفَضْلَ فيه] (١). وفي رواية: (ثم قال: حَيْثما أدركتك الصلاة فصَلِّ والأرض لك مسجدٌ).
قلت: وإنما جدّد سليمان عليه الصلاة والسلام بناء بيت القدس بعد خرابه كما هو معلوم.
وقوله: ﴿أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾.- "أنْ "- هي التفسيرية. أي المفسرة للقول، والتقدير: قائلين له ﴿ألَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا﴾ - أي ابنه خالصًا على اسمي وحدي، لتكون العبادة لله وحده.
وقوله: ﴿وَطَهِّرْ بَيْتِيَ﴾. قال مجاهد: (من الشرك). وقال قتادة: (من الشرك وعبادة الأوثان).
وقوله: ﴿لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
قال ابن زيد: (القائم والراكع والساجد هو المصلي، والطائف هو الذي يطوف به.
وقوله: ﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾ يقول: والركع السجود في صلاتهم حول البيت).
قال ابن كثير: (أي: اجعله خالصًا لهؤلاء الذين يعبدون الله وحده لا شريك له، فالطائف به معروفٌ، وهو أخصُّ العبادات عند البيت، فإنه لا يفْعَل ببقعة من الأرض سواها، والقائمين، أي: في الصلاة، ولهذا قال: ﴿وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾، فقرن الطواف بالصلاة، لأنهما لا يُشرَعان إلا مختصين بالبيت، فالطواف عنده، والصلاة

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٣٦٦)، كتاب أحاديث الأنبياء، وانظر (٣٤٢٥) منه.


الصفحة التالية
Icon