وقوله تعالى: ﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾.
أي: لكم في هذه البدن منافع من الركوب عند الحاجة وشرب ألبانها عند الضرورة إلى أن تنحر، وهو الأجل المسمى، ثم محلها -وهو وقت وجوب نحرها- انتهاؤه إلى البيت العتيق، وهو الكعبة. وأقوال أئمة التفسير حول هذا المعنى:
١ - قال ابن عباس: (﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: ما لم يسمّ بدنًا).
٢ - قال مجاهد: (﴿لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ قال: الركوب واللبن والولد، فإذا سميت بدنة أو هديًا ذهب كله). وقال: (لكم في ظهورها وألبانها وأوبارها، حتى تصير بُدْنًا). أو قال: (في أشعارها وأوبارها وألبانها، قبل أن تسميها بدنة). وفي لفظ: (قبل أن تسمى هديًا).
٣ - وعن عطاء قال: (منافع في ألبانها وظهورها وأوبارها، إلى أجل مسمى: إلى أن تقلد).
٤ - وقال آخرون: بل له أن ينتفع بها وإن كان هَدْيًا، إذا احتاج إلى ذلك.
ومن كنوز صحيح السنة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه: [أنّ النبي - ﷺ - رأى رجلًا يسوقُ بَدَنَةً، قال: "اركبْها"، قال: إنّها بَدَنَةٌ. قال: "ارْكَبْها"، قال: إنّها بَدَنَةٌ، قال: "اركبها" ثلاثًا] (١). وفي لفظ: [فقال في الثالثة أو في الرابعة: ارْكَبْها وَيْلكَ أو وَيْحَك].
الحديث الثاني: روى مسلم عن أنس قال: [مُرَّ على النبي - ﷺ - ببدنة أو هَدِيّة، فقال: "اركبْها" قال: إنها بَدَنَةٌ أو هَدِيّةٌ، فقال: "وإنْ"] (٢).
الحديث الثالث: خرّج مسلم في الصحيح عن أبي الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله سُئِلَ عَنْ رُكوبِ الهَدْي؟ فقال: سمعت النبي - ﷺ - يقول: [ارْكبْها بالمعروف إذا أُلْجِئْتَ إليها، حتى تجدَ ظَهْرًا] (٣). وفي لفط: [اركبْها بالمعروف، حتى تجد ظهْرًا].
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٣٢٣)، كتاب الحج، في روايات مختلفة.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٣٢٤)، كتاب الحج، باب جواز ركوب البدنة المهداة لمن احتاج إليها، من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.