وقد جاءت السنة العطرة بهذا المعنى في أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري في صحيحه عن زِيادِ بن جُبيرٍ قال: [رأَيْتُ ابنَ عمرَ رضي الله عنهما أتى على رَجُلٍ قد أناخ بدنَتَهُ يَنْحَرُها، قال: ابعثها قيامًا مُقَيَّدةً، سُنَّةَ محمدٍ - ﷺ -] (١).
قال البخاري في كتاب الحج من صحيحه -باب نحرِ البُدْن قائمة- وقال ابن عمر رضي الله عنهما: سنة محمد - ﷺ -. وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ﴿صَوَافَّ﴾: قيامًا.
الحديث الثاني: أخرج أبو داود بسند حسن عن جابر: [أنَّ رسول الله - ﷺ - وأصحابَه كانوا ينحرون البُدْن معقولةَ اليُسْرى، قائمة على ما بقي من قوائمها] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد بسند جيد عن أبي رافع: [أنّ رسول الله - ﷺ - كان إذا ضحّى اشترى كبشين سمينين أقرنيق أملحَين، فإذا صلى وخطبَ الناس أُتي بأحدهما وهو قائم في مُصَلّاه فَذَبحه بنَفْسِهِ بالمُدْية، ثم يقول: "اللهمّ، هذا عن أمتي جميعها، مَنْ شَهِدَ لك بالتوحيد وشَهدَ لي بالبلاغ". ثم يُؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه، ثم يقول: "هذا عن محمد وآل محمد" فيطعِمُها جميعًا المساكين، ويأكل هو وأهله منهما] (٣).
وقوله: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾. أي: إذا سقطت على جنوبها ميتة. فكنى عن الموت بالسقوط. قال مجاهد: ﴿فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا﴾ سقطت إلى الأرض).
أو قال: (نحرت). وقال ابن زيد: (فإذا ماتت). وقال ابن إسحاق: (إذا فرغت ونُحِرت).
والمقصود: لا يجوز الأكل من البدنة إذا نحرت حتى تموت وتبرد حركتها، ولا بد من الإسراع في الذبح وتحديد الشفرة لئلا تُعَذّب البهيمة.
ففي صحيح مسلم عن شداد بن أوس قال: [ثِنْتان حَفِظْتُهُمَا عَنْ رسول الله - ﷺ - قال: إنَّ الله كتب الإحسانَ على كل شيء، فإذا قَتَلتُمْ فأحِسنُوا القِتْلَةَ، وإذا ذَبَحْتُم فأحسنوا
(٢) حديث حسن. أخرجه أبو داود في السنن (١٧٦٧)، ويشهد له ما قبله.
(٣) أخرجه أحمد (٦/ ٨)، (٦/ ٣٩١ - ٣٩٢)، وأخرجه ابن ماجة كما مضى، والحديث صحيح.